وما فرغ الرافعي من كتابة هذا الفصل، حتى أحس بحاجته إلى الراحة بعد ما بذل من جهد، فاغلق دار كتبه وخرج إلى الشارع يشم الهواء، ثم لم يكد يأتي المساء حتى جاءه البريد برسالة من جمعية الكشاف المسلم بالشام، تطلب إليه أن يعد لها موضوعاً تنشره في صحيفتها لمناسبة المولد النبوي كذلك. . .!
وضاقت أخلاق الرافعي، فهم أن يلقي الرسالة ليفرغ لنفسه بضعة أيام للاستجمام، ثم تحرج، فعادت إليه ابتسامته وهو يقول:(سأفعلها قُرْبَى إلى محمد صلى الله عليه وسلم، ولو رمى بي هذا الجهد المتواصل إلى تهلكه!) وعاد إلى مكتبه وهو متعب مكدود. . . ثم أملى عليّ مقالة (حقيقة المسلم) الذي أعاد نشره في الرسالة بعد ذلك وجمعه إلى وحي القلم
وكتب بضع مقالات أدبية في مجلة المقتطف
ثم دعته (الرسالة) ليكتب فصلاً عن الهجرة في العدد الممتاز الأول لسنة ١٣٥٣هـ، فكان ذلك أول عهده بالكتابة فيها، ثم اتصل بها حبله، فظل يكتب لها كل أسبوع مقالاً أو قصة من قصصه الممتعه، لا يفتر عن هذا الواجب إلا أن يمنعه المرض أو تشغله شاغله من شواغل الحياة. ومات وهو يتهيأ لكتابة مقاله الأسبوعي لها، ولكن القضاء عاجله فخلفه على مكتبه ورقة بيضاء. .!