كبير!) قال:(فمن تضنه؟) وكان سؤاله مشعراً بجوابه، ولكنني كذبت نفسي. . . أيكون هو؟ وما يحمله على أن يخفي عني؟ لقد كان معي أمس، وأمس الأول؛ فلماذا لم يحدثني بشيء من ذلك!
وقلت للرافعي:(أو تعرف كاتبه؟) قال: (حاول أن تفكر. . . لقد حاولت فلم أوفق!) وكان حسبي هذه الكلمة ليزول كل شك في نفسي، فما كذب عليّ الرافعي قبلها قط. . .! ولم اعرف إلا بعد أيام أنه هو. . .
ورد المرحوم الأستاذ حسين والي، وعاد الرافعي يرد ويتهكم ويسخر، ويتحدى المجمع اللغوي كله أن يرشده إلى الأطوار الاجتماعية التي مرت بها كلمة (حظِيَ) حتى ساغ للمجمع من بعد أن يستعملها بمعنى (ظفر) في برقية الشكر إلى جلالة الملك. . . وسكت المجمع، وسكت الأستاذ حسين والي، وظل الرافعي (الأديب الصغير) يكتب حتى جاءه الرجاء أن يسكت فسكت!
مقالات (الأديب الصغير) في نقد المجمع اللغوي هي أخر ما كتب الرافعي في النقد على أسلوبه وطريقته
ومما كتبه في تلك الفترة بحث طويل في البلاغة النبوية أنشأه إجابة لدعوت الهداية الإسلامية بالعراق، لتنشره في ذكرى المولد النبوي. وقد لقي الرافعي من العناء في إنشاء هذا الفصل ما لا احسب غيره يقوى عليه. وحسبك أن تعلم أن الرافعي لم يتهيأ لكتابة هذا الفصل حتى قرأ صحيح البخاري كله قراءة دارس، وانفق في ذلك بعضة عشر يوماً، وهو وقت قليل لا يتسع للقارئ العجل أن يقرأ في صحيح البخاري قراءة تلاوه؛ فكيف به دارساً متمهلاً يقرأ ليتذوق بلاغة الأسلوب ودقة المعنى؟ ولكن ليس عجيباً من الرافعي الذي كان يقرأ كل يوم ثماني ساعات متوالية لا يمل، فلا ينهض عن كرسيه حتى يوجعه قلبه!
وكتب الفصل بعد ذلك في ثلاثة أيام، ثم دفعه إليّ لأكتبه بخطي ولم يمله عليّ، فأنفقت في كتابته ثلاثة أيام أخرى
هذا الفصل يملأ نحو عشرين صفحة من صفحات الرسالة، ويصلح أن يكون خاتمه لكتاب إعجاز القرآن - لو قدر لإعجاز القرآن أن يطبع طبعة جديدة - فأنه أشبه لموضوعه وفيه تمامه