وقد ضاقت الحكومة العثمانية ذرعاً بمقالاته فأرادت أن تشغله ببعض المناصب فجُعِل متصرفا للقلعة السلطانية في غليولي زمنا قصيرا وهو في سن ٢٣. وبعد حين أريد إرساله سفيراً إلى بلاد العجم فأبى. وانتهى الأمر بينه وبين الحكومة إلى أن فر هو وجماعة من أنداده إلى لندرة سنة ١٢٨٢هـ (١٨٦٦م) ويقال انه ذهب إليها إجابة لدعوة مصطفى فاضل باشا ونشر لندرة جريدة (المخبر) ثم نشرها في باريس ونشر بعدها جريدة (الحرية) وفي باريس درس الحقوق والاقتصاد السياسي وترجم بعض الكتب من الفرنسية.
ولما مات الوزير عالي باشا سنة ١٢٨٧هـ رجع كمال إلى استانبول فنشر جريدة (عبرت) فصارت أعظم الجرائد التركية. ولا يزال أدباء الترك يحرصون على صفحات هذه الجريدة ومقالاتها، وكتب إذ ذاك قصة (وطن ياخود سلستريا) فلم تحتمل الحكومة جرأته وصرامته، فنفته إلى قبرص فحبس بها وكتب هناك قصته الأخرى (عاكف بك)
ولما تولى السلطان مراد رجع إلى استانبول بعد أن أقام في منفاه ٣٨ شهراً، وشارك مدحت باشا وضيا باشا في تحرير الدستور. ولما تولى السلطان عبد الحميد لم يصبر على أقوال كمال وأفعاله، فأُوخذ وحبس خمسة أشهر ونصف، شغل أثناءها بقراءة التاريخ ابتغاء أن يكتب تاريخاً للجيش العثماني. ولما برأته المحكمة مما اتهم به نفاه السلطان إلى جزيرة متلين وهنالك كتب قصائد أعرب فيها عن شكاته وحزنه، وكتب قصتين (جلال الدين خوارز مشاه) و (جزمي) تناول فيهما بعض حادثات التاريخ الإسلامي. ثم جعل متصرفا للجزيرة التي هو بها ثم نقل إلى رودس وكانت أكثر ملاءمة لصحته. وفي رودس شرع يكتب تاريخ الدولة العثمانية وقد جمع بها مكتبة حافلة مكنته من التأليف، ثم جعل متصرفا لمتلين فعاد إليها وواصل كتابة تاريخه على رغم مرضه، حتى منعت الحكومة أن يطبع هذا التاريخ وأمرته ألا يستمر في كتابته، وبعد سنة توفي سنة ١٣٠٥هـ.
لا يتسع المجال هنا لتعداد مؤلفات نامق كمال، ولكن يمكن إجمالها في الديوان وثماني قصص ومؤلفات تاريخية منها (أوراق بريشان) التي ترجم فيها لصلاح الدين الأيوبي ومحمد الفاتح وسليم الأول ونوروز بك، ومقدمة في تاريخ الرومان والتاريخ الإسلامي وكتاب ردّ فيه مزاعم رينلن الفرنسوي سمّاه (رينان مدافعة نامه سى) وهو من احسن ما كتب في رد ما كتبه رينان عن الإسلام. ومقالات عديدة هي من أروع آثاره. ويتجلى في