ولم يكن (معاوية) بالخليفة المستضعف، بل ساس الناس بحلمه وجوده. فعفا عن المذنب وتجاوز عن المسيء وأغدق عطايا عل كل قاصد، كما سل سيفه على من لم تنفع معه هذه الطرق فانقاد له الناس راغبين أو راهبين
وبعد وفاة معاوية تولي ابنه (يزيد) على كره من أولاد الصحابة فثارت الأحزاب المعارضة، وأشدها الحزب العلوي فكانت فاجعة (كربلاء) التي أججت الأحقاد؛ واستمرت الثورات العلوية حتى انقراض الدولة الأموية وكانت هذه الثورات من أهم العوامل التي قوضت أركان الدولة
وبعد سقوط الدولة الأموية انعكست الآية فانتقم العباسيون من الأمويين شر انتقام، حتى الأموات فإنهم لم يخلصوا من التمثيل بهم. وصار الحزب الأموي هو المستضعف في البلاد وأخذ الأموين يلجأون إلأى الجبال والأماكن النائية عن النفوذ العباسي. ولكنهم لم يعدموا الأنصار، كما أنهم لم ييأسوا من الخلافة، بل أحيوا النعرة الدينية التي كانت لحزبهم وأخذوا يزيدون عليها. ونراهم قد قلدوا العلويين أو من قام باسمهم في ادعاءاتهم هذه. وهذه النعرة الدينية لحزبهم كانت منذ أول عهدهم بالخلافة تسير أثر الدعوة العلوية؛ ولكن الأمويين خلال حكمهم لم يهتموا بها لاعتمادهم على بطشهم ونفوذهم. وأما بعد سقوط دولتهم فإنهم صاروا مستضعفين في الأرض فتدرعو بالدين ليستروا تحته دعوتهم للدنيا. وهذا أول ظهور الطائفة اليزيدية.
ومن الأدلة التي تثبت أن أصل العقيدة اليزيدية هي حركة أموية مضادة لآل البيت:
١ - يوم عاشوراء: في هذا اليوم قتل (الحسين) عليه السلام فهو يوم كرب وبلاء على العلويين يظهرون فيه من العزاء والنياحة والحزن على ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما لا نشاهد مثله في غيره من الأيام. ونجد الضد من هذا عند الأمويين، فإن الحجاج سن لأهل (الشام) أن يتخذوا هذا اليوم يوم سرور يوسعون فيه على عيالهم وينبسطون في المطاعم ويصنعون الحلوى، ويتخذون الأواني الجديدة، ويكتحلون ويدخلون الحمام ليرغموا بذلك شيعة (علي بن أبي طالب) كرم الله وجهه. واستمر الأمر على ذلك عند الحزب الأموي بعد سقوط دولتهم، وهذا ما نراه عند اليزيدية فإنهم يتخذون هذا اليوم يوم سرور يخرجون بزينتهم إلى ظاهر قراهم ويرقصون رقصاتهم الشعبية على ضرب الطبول ونقر