للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من تجاعيد خصلاتهالمتدلية على أكتافه كأنما هي عرف الأسد.

إن ملامحه - كما يقول بعض الكتاب - إن لم تنم عن وسامة وجمال فهي تعبر عن هيبة وجلال وكأنما الشاعر يعينه بقوله:

فإن لم تك المرآة أبدت وسامة ... فقد أبدت المرآة جبهة ضيغم

بدأ الوقر يطرق سمعه وهو في السادس والعشرين من عمره وهو في فجر الشباب وأوج المجد وبدأ الداء بأذنه اليسرى وبعد عامين لحق باليمين فضعفت حواسه السمعية وكانت عنيفة على نفسه الحساسة وجرحا لكبريائه الشامخ وكبرياء النفس صفة تميز بها الألمانيون أكثر من غيرهم ولا سيما البروسيين وكان في بادئ الأمر شديد الحرص على كتمان مصيبته ولم يبح بها حتى إلى أقرب الناس إليه لهذا بدا يمعن النظر ويتفرس في وجه محدثه مراعيا باهتمام حركات الشفاه وملامح الوجه المعبرة حتى يلم بأطراف الحديث ولكيلا يفوته حاسته فقدنا تاما وهي ما يسمونها في الطب (بالقراءة على الشفاه) - ولكن هيهات!! فما كان مجهوده يكلل بالنجاح في كل الأوقات، إذ كانت تفوته بعض الكلمات فتبدو على سيماه الحيرة والارتباك، مما يضطره محدثه لإعادة ما يقول أو الإجهار بالصوت فيزداد ارتباك ويحمر وجهه غضبا لأن في ذلك ما يذكره بمعصيته ويشعره بأنها لم تعد سراً على أحد.

وفي عام سنة ١٨٠٠ اشتد داءه وظهرت عليه بعض المضاعفات - دوى في الاثنين لا ينقطع ليل نهار وضوضاء أشبه بأزير النحل مع شعور بالدوار وآلام في الأذنين عند سماع الأصوات الحادة وهي عارضة مرضية يسمونها بال

بيتهوفن والأطباء:

لجأ بيتهوفن إلى استشارة الأطباء بعد تردد كبير لأنه - كما أسلفنا - كان يأنف أن يعترف للناس أو حتى للأطباء بمرضه فضلا عن ضعف ثقته بالطب والأطباء وفي هذا يشبه المؤلف المسرحي الشاعر (موليير) الملقب بشكسبير فرنسا والذي كان يسخر من الأطباء ويهزأ بهم في مسرحياته لعجز الطب عن مداواته. غير أن إلحاح أخواته جعله يقبل العلاج فاستدعى أهله الأستاذ الدكتور (شمد) وهو صديق للعائلة ومن المعجبين إلى حد كبير بفن بيتهوفن وقد بذل الأستاذ كل ما في وسعه واستمر في علاجه أكثر من ثلاثة أعوام ولكن

<<  <  ج:
ص:  >  >>