الجماعة العربية أهل يثرب ومكة ومن حواليهما في قالب محكم متين كان علما على الجماعة الدينية الإسلامية في أدق معانيها
وثانيهما: - أن العقيدة والتعاليم التي آمنت بها تلك الجماعة العربية إيمانا صادقا وحملتها إلى المشرق والمغرب فيما بعد - هذه التعاليم لم تجد هذا القبول السريع الصادق في المشرق والمغرب إلا لأنها كانت اقرب إلى الحقائق الاجتماعية وأنفع لمعالجتها من التعاليم الدينية الأخرى التي جاءت التعاليم الإسلامية لتنافسها في مجال الإصلاح
والتكافل الاجتماعي الذي يحققه الدين في الجماعة التي تؤمن به يتوقف مدى وثوقه وسرعة نموه على مبلغ الصدق في الاختبار الديني عند تلك الجماعة. فالعزة الإلهية هي محور الأديان السماوية؛ والاختبار الديني الصادق يستمد منها مزيداً من القدرة على تنظيم السلوك الإنساني في شكل يتفق وما أمر الله به وما نهي عنه. فإذا شمل ذلك الاختبار الكثرة من الجماعة استقام سلوكهم وتوارث عناصر الشقاق الاجتماعي من بينهم ليحل مكانها تكافل منسقة أصوله مبينة أهدافه ومراميه لأنها من عند الله خالق الكون ومهندسه الأعظم
وسرعة نمو التكافل الاجتماعي في الجماعة الدينية يتوقف كذلك على تحديد التعاليم الدينية لأسس ذلك التكافل. فمن الأمور التي ينفرد بها الإسلام على غيره من العقائد أن القرآن والحديث قد جددا كثيرا من أوجه السلوك الإنساني تحديدا شاملا دقيقا
ونستشهد بالسيد محمد رشيد رضا معجبين للدلالة على تحديد الإسلام لوظيفة الدين في التكافل الاجتماعي. فقد صنف رحمه الله في كتابه (الوحي المحمدي) مقاصد القرآن في عشرة هي:
المقصد الأول: - في حقيقة أركان الدين وهي الإيمان - العقيدة - البعث والجزاء والعمل الصالح وتهذيب الأخلاق والنهي عن أتباع الهوى والترغيب في التقوى والإرشاد إلى العبادات
المقصد الثاني: - بيان ما جهل البشر من أمور النبوة والرسالة ووظائف الرسول، والإيمان بالقدر والسنن العلمة وآيات الله الخالصة والحظر على البشر من ارتقاء العلم بدون الدين
المقصد الثالث: - كون الإسلام دين الفطرة والصقل والفكر والعلم والبرهان والحجة والضمير والوجدان والحرية والاستقلال