بينهما مراسلات في هذا الصدد؛ فكانت فرنسا هي المحرضة هذه المرة. فرنسا التي كانت سياستها منذ فشل الحملة الفرنسية تدور على مناوأة النفوذ الإنجليزي في مصر!
ولي المسيو ليون غمبتا أمر وزارة الخارجية في فرنسا في شهر ديسمبر عام ١٨٨١، فسرعان ما اتصل بوزير خارجية إنجلترا اللورد جرانفيل محدثاً إياه في شأن مصر مبيناً له وجوب تضامن الدولتين في العمل إزاء ما يجري هناك من أمور
وحار جرانفيل أول الأمر ماذا يجيب به على هذه الدعوة، فهو إن قبلها أصبح مقيداً بالعمل مع فرنسا، وان رفضها قطع على دولته الطريق وجعل لفرنسا المكان الأول في شؤون مصر وتلقى جرانفيل من مصر أنباء فاجرة مالت به إلى الطريق التي اختارها. كانت مشكلة ميزانية الجيش لا تزال قائمة بين عرابي والمراقبين، فأرجف المرجفون أن عرابياً يعتزم القيام بثورة جديدة لقلب وزارة شريف وتنصيب البارودي مكانه وكتب السير إدوارد مالت وهو رجل مسؤول إلى اللورد جرانفيل يشكو من تدخل عرابي ويتساءل في لهجة ساخطة برمة: كيف يستطيع شريف أن يرأس الحكومة مع وجود عرابي صاحب النفوذ الفعلي في البلاد؟ وهكذا يسمح هذا الرجل لنفسه أن يكذب فيرمي عرابياً بما هو برئ منه ولا يتورع بعد ذلك أن يكتب إلى رئيسه ينبئه بخضوع عرابي لرأي المراقبين، ولكن جرانفيل كان قد خطأ نحو فرنسا بناء على الأخبار الأولى خطوة لا يمكنه النكول بعدها.
وكتب كلفن كذلك إلى جرانفيل يقول:(والحقيقة أن الإدارة المصرية شركة ثلاثية، فإذا لم تكن الدول على استعداد لتعديل نصيبها فعليها أن تحافظ عليه وتقويه في هذا الوقت الذي أصبح فيه المصريون في حال تطور وانتقال). هذا عدا ما ذكره في تقريره عما يتوقعه من خطر إذا زيدت سلطة المجلس، وثبتت قواعد الدستور المصري
وكان مستر بلنت قد أرسل برنامج الحركة الوطنية إلى جريدة التيمس، وفيه أقوى حجة على براءة هذه الحركة من عناصر الثورة أو المساس بحقوق الأجانب المالية؛ وكان يأمل بلنت وأصدقاؤه من الوطنيين أن يكون لنشر هذا البرنامج أثره الحسن في نفس جرانفيل، ولكنه نشر في أول يناير سنة ١٨٨٢ بعد أن نفذ السهم، فلقد وافقت إنجلترا على وجهة نظر فرنسا في يوم ٣١ ديسمبر أي عقب اجتماع المجلس بخمسة أيام
وخطا شريف باشا في تلك الأثناء خطوة حكيمة فأعلن بياناً يشير فيه إلى منهاج حكومته،