في رمز وتتكلم في رمز وسط الإطار الذي ابتدعه المؤلف في حذق، فجاء الإطار والعقل رمزاً للنور والطريق الصاعدة، والعاطفة رمزاً للظلمة والطريق المنحدرة. وهكذا يبدو الرمز كاملاً من حيث المبنى والمعنى. وتستقر الرواية بذلك في صميم الرمزية، وقد تسامت على الرمزية السطحية المقصورة على الرمز بشيء إلى شيء آخر دون إظهار المبهم والمغلق من خلجات النفس ولوامعها
وأسلوب (مفرق الطريق) فصيح وبليغ، بل إنه لمتطلع إلى الشأو البعيد، الذي قد يراه بعض القراء تفاصحاً. وربما يؤاخذ هذا الأسلوب من جانبهم بأنه أسلوب مكبوت النغم مقبوض الإيقاع إذا قورن بالأسلوب الذي كتب به شعراء الرمزية، إلا أن واجب الإنصاف يقضي بأن نشير إلى أن الشعر شيء والنثر في مسرحية كهذه شيء آخر. هذا مع العلم بأن الشاعرية كامنة في تضاعيف حوار هذه المسرحية
وبشر فارس كتب مسرحيته هذه متثبتاً من صيغ الرمزية وفقيها في ضروبها. . . ولا أدري، لو طالت مشاهد هذه الرواية أكان النفس يواتيه بمثل ما واتاه الآن. فلا تلمح العين طغيان الصناعة الحاذقة على الإلهام المحض الذي يورد الشيء وهو لا يدري أسبابه وبواعثه!!
وجملة القول أن (مفرق الطريق) حدث جديد في تأليف المسرحية المصرية، جدير بالعناية من الكتاب ومن رجال المسرح، وحري بالثناء وكل ما أرجوه أن تطالع هذه المسرحية النور يوماً على المسرح، وأن تجد المخرج المسرحي الذي يحسن فهمها ليحسن تفهيمها للجمهور.