للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَمْ يَسحَرُ النَّفسَ خَيَالٌ له ... يَنقلُ في تِلك النَّوَاحي خُطاهْ

فيِ عَيشِه الحَالِمِ كَمْ هَزَّهُ ... مِنْ عَالَمِ السِّحْرِ جَمالٌ رآه

أعرِفُهُ! فيِ صَدِرِه خَافِقٌ ... غَضٌّ يَرَى في الرِّيِفِ دُنيا مُناَه

هَاهُوَ ذَا فِي كَوِنِه هاَئِمٌ ... تَغَرقُ في نور الضُّحَى مُقلَتاه

هاهو ذا الكَوُن عَلَى بُعِدِه ... عَن حَاضِرِي، تملأَ عَينِي رؤاه

كَأَنما تَهزِجُ في مسمَعِي ... أصْدَاؤه اليَوْم َويَسِري شَذَاه!

مَغناَي في الرِّيفِ أرَى طَيَفهُ ... في زَحَمِة المَاضِي وفي لُجَّتِهُ

إن ذَهِلَتْ عَيناَيَ عَنْ مَوضِع ... سواهُ لَنْ تَذهَل عَنْ صُورَتِه

هذا الفِناَءُ الرَّحُب لَمْ أنْسَهُ ... والقَلبُ هيمان إِليَ فِتنْتِه

وَهَذِهِ الشُّرفَةُ يَا حُسنَهَا ... يَا حُسنَ شمْس الصُّبْح في جَبهَتِه

الأمْنُ فِيهِ بَاسطٌ ظِلَّهُ ... وَاليُمْنَ وَالإقبَالُ فيِ سَاحَتِه

وَالأهْلُ، والولدانُ من حَوْلَهمِ ... أَرْوَعُ مَا فيِ البَيْتِ مِنْ زِيِنتَه

صَلاتُهُمْ يَزْخَرُ تَسْبيِحُهَا ... بِالحَمْدِ ِلله عَلَى مِنَّتِه. . .

عِشْتُ زَمَاناً حُمَّ النوَىَ ... وَذقتُ طَعْمَ الهَمِّ مِن فرْقَتهِ

في غُرْبِتي كم مَسِّ قَلْبيِ الضَنَى ... وهَاجَ تَحْنَانيِ إِلى رُؤْيَتِه

يَا نَازِحاً عَن أهِلهِ قَلْبُهُ ... يَذُوبُ مِنْ شَوْقٍ إلى جَنَّتِه

يَسْتقبلُ الدَّرسَ عَلَى وامِضٍ ... يَسطَعُ كالكَوكَبُ مِن أمِسِه

مَا كَاَدَ يَخطُو لِلعُلَى خُطوَةَ ... حَتَّى شَأى الأقْرانَ فيِ دَرِسِه

السّبقُ مِن عَادَاتِه، طَعمُهُ، ... أشْهَى مِنَ الشَّهِد إلى نَفسِهِ

خَيَالُهُ المَشبُوبُ يُوحِي لَهُ ... ما يُبهِجُ المُرهَفَ مِن حِسِّهِ

يَلهَجُ بِالشِّعرِ فَفِي رُوحِهِ ... وَحيٌ لَهُ يُصِغي إلى هَمسِهِ

إن ضاَقَ بِالوَحشَةِ طَارَتْ بِهِ ... أجِنحَةٌ مِنهُ إلى أُنسِهِ

أوْكلَّتْ الَّنفْسُ حداها إلى ... ما أنْبَتَ العِرفَانُ من غَرْسِهِ

فيِ حَلبَةِ العِلمِ مَضَ سَابِقاً ... يَسْتقبِلُ الياِفعَ من سِنِّهِ

ما أوْهَنَ الجَهْدُ لَهُ عَزْمَهً ... في سَهلِ ما يَطْوِى وَفِي حَزنِهِ

<<  <  ج:
ص:  >  >>