البيت. وأول ما نقول في هذا أننا نخالف بعض رواة العربية ثم الرافعي في أن يلزم أحد هذا الحرفين صاحبة على كل حالة وفي كل ضرب من ضروب القول
وبيان ذلك أن لأصحاب العربية في هذا الحرف (قُزَح) ثلاثة اوجه من الرأي:
الأول: أن (قزح) اسم شيطان، أو أسم ملك موكل به والثاني: أن (القزح) هي الطرائق والألوان التي في القوس، والواحدة قزحة
والثالث: أن يكون من قولهم: قزح الشيء وقحز إذا ارتفع قلت: وكأنهم أرادوا أن يجعلوه معدولا به عن (قازح)، وهو المرتفع
ففي الوجه الأول لا يضير أن ينفصل الحرفان؛ إذ كان (قوس) أسم جنس، و (قزح) أسم علم بعينه، وأضيف أحدهما إلى الأخر إضافة نسبة. فهو بمنزلة قولك (كتاب محمد). ومن هنا جائز أن يبدلوا تسمية العرب الأوائل فقالوا له:) قوس الغمام) و (قوس السحاب). ويقول أبن عباس رضي الله عنه:(لا تقولوا قوس قزح، فإن قزح من أسماء الشياطين. وقولوا (قوس الله) عز وجل. وعلى هذا يجوز قول القائل:(ألقى قُزح قوسه) بإضافة القوس إلى ضميره. على أن الشيطان، أو الملك الموكل بالقوس. قد ألقى (قوسه)
وأما الوجه الثاني والثالث فلا يجوز الفصل معهما البتة على إرادة (الاسم) الذي تعرف به هذه الطرائق المتقوسة التي تبدو في السماء. فأن الحرفين في حالتهما ينزلان منزلة الكلمة الواحدة إذ ذاك. وللقول في هذا مجال ليس هنا مكانه ولا أوانه.
ونحن نرى أن العقاد قد ذهب - وإن لم يرد ذلك - إلى الوجه الأول، وأن شعره يحمل على رأي جائز في العربية
هذا، قد ذهب الرافعي في نقد بيت العقاد إلى رأي أصحاب اللغة في امتناع الفصل بينهما، وأن الحرفين كالكلمة الواحدة على تتابعهما. وعلى ذلك لا يقال (ألقى (قُزح) قوسه) وأولى إذن أن لا يقال إن (قُزح) أدبر وأنصرف، لأنه ليس بذاته يُدل على معنى، أو يقع اسماً لشيء بعينه؛ فهو إذن لا يجوز عليه الإسناد إسناد الخير أو الفعل كالإلقاء والأدبار والانصراف: فأين التلاعب في هذا الرأي باللفظ اللغوي؟ ولو قد كان وقع في بعض كلام الرافعي فصل أحدهما عن الأخر لأمكن أن يقال إنه يتلاعب باللفظ، ولكن ذلك لم يكن. . .!