وأما الأستاذ العقاد فقد نقد رواية قمبيز في سنة ١٩٣٢، وجعل من ملاحظاته أن هذه الرواية (لم تخل من مخالفة للنحو والصرف في القواعد المنصوص عليها)، وأتى في هذا الموضع من نقده بما خطأ فيه شوقي وليس بخطأ.
يقول شوقي على لسان أحد المجان (ص ٣٢)
ألقدحا ألقدحا ... الخمر تنفي الترحا
قصراً أرى أم فلكاً ... وشجراً أم قُزحاً
ثم علق (شوقي) في الوجه (٣٢) نفسه فقال: (قالوا: إن قزح لا يفصل من قوس، ولكن الناظم لم ير بأساً في فصله لسهولته وكفاية دلالته) انتهى. ونحن نجيز هذا في العربية ولا ننكره
قال ذلك شوقي في التعليق، ثم جاء الأستاذ العقاد في كتابه (رواية قمبيز في الميزان) يقول ص١٥ (. . . ويقول (قُزَح) ولا تذكر قزح إلا مع قوس). وبين أن كلام الأستاذ العقاد ليس عربي العبارة، فإن أصحاب العربية منعوا (فصل) قزح من قوس، ولم يمنعوا (ذكر) قزح إلا مع قزح. والفرق بين اللفظين كبير. وبينٌ أيضاً أن هذا ليس نقداً فإن لم يأت بأكثر من تكرار ما ذكره شوقي في تعليقه، وكان الوجه أن يبين فساد رأي (الناظم) إذ لم يرى بأساً في الفصل للعلة التي ذكرها
ومع ذلك. . . فقد كان نقد العقاد في يونيه سنة ١٩٣٣، ولم تمض ستة أشهر أي في يناير سنة ١٩٣٣ حتى فصل العقاد نفسه بين (قزح) وقوس في شعره هذا!! فلعل هذا أن يكون بالتلاعب بالألفاظ اللغوية أشبه، بتصريف النقد على الهوى أمثل. وأما بيتا العقاد:
ألقى لهنّ بقوسه ... قزحٌ وأدبر وأنصرف
فلبسن من أسلابه ... شتى المطارف والطرف
فقد بُنيا على ألفاظ يدفع بعضها بعضاً عن معنى يولده - من لفظ (القوس) التي هي من آلات القتال. وكان سبيل التوليد هكذا: القوس من آلات القتال، واستعيرت للطرائق في السماء مضافة إلى (قُزَح)، فيكون ماذا لو أنشأ من لفظ هذا القوس صورة للقتال بين (قُزح) وبين جميلات الشاطئ أستانلي؟ ويكون ماذا لو زعم أن الجميلات انتصرن على (قزح) صاحب القوس فألقى سلاحه ثم أدبر وأنصرف؟ ويكون ماذا لو جعل ألوان (قوس قزح)