امتهان المدرس ذي الكرامة وإحراجه بتلفيق التهم ونصب الأشراك. وقل ما شئت من تدخل المدير العجيب في الشئون الفنية الخاصة وصبغة للنظام العام بهراوته المضحكة وبشخصيته المادية المتناقصة وبميوله النهمة الغادرة، حتى لتشعر أنك في عصابة أو مارستان. ثم قل أيضاً ما شئت من التظاهر أمام حضرات المفتشين بما ليس موجودا، ومن وضح خزانات بغير ماء في المراحيض كدليل على النظافة وتوفية الشروط!!. أما التلاميذ المساكين فما أقل ما يتناولون من الكتب والكراسات! وما أكثر ما يدفعون من الضرائب والإتاوات! وما أشد ما يتحملون من الكلمات والضربات! وما أخطأ ما يعاملون به من طرق لا تكون العقل ولا تبني الشخصية ولا تهذب الشعور!
ستعجب مما أقول، وستتخيل أنه إنما كان بالأمس البعيد ولا وجود له اليوم. وسأقول لك إني لمسته بيدي منذ عامين اثنين ولقيت منه الأمرين وخرجت ثائراً علية عندما لم أقو على العيش فيه. وإذ كانت الوزارة قد خففت كثيراً من مثل تلك الفوضى بأعمال رقابة التعليم الحر فإن العيب لم يزل جسيماً، ومجال التلاعب والعبث واسع عريض، وممارسة التربية كفن صحيح سليم لا تكاد تتحقق في هذه المدارس ألا شذ وندر
وقد تسأل بعد هذا عن تلك الأقوال الكثيرة التي تجنيها الجمعية من إعانة الوزارة ومصرفات التلاميذ؟ وسأقول لك سل العمارات الشاهقة التي يبنيها المدير أو يفاوض في شرائها وسل المدرسين المساكين الذين يتناولون الأجر الضئيل ويشاهدون التضخم الهائل الشديد. وسل تلك الأبنية الرطبة القذرة التي يحشدون فيها التلاميذ بغير حساب!!
ثم ليت الوقت يتسع لأقص عليك طريف ما يحدث في تلك الدور، أو ليته يسمح بإخبارك أن الطلبة في المدارس الثانوية الأهلية كالوحوش يرهبهم الناظر لأنه يبغي مالهم، ويخشاهم الأستاذ لأنهم لا يرهبون أحد؛ نعم ليته يتسع أو يسمع بذكر هاتيك المخازي الكثيرة التي أسمع عنها كل يوم هنا وهناك فحسبك اليوم ذلك، وإلى اللقاء حيث أحدثك عن ناحية أخرى