ولا يكفي ما يقال من أن كل عضو من أعضاء الهيئة الموقرة يقدم بحثا في كل عام، وأي أثر ظاهر لهذه البحوث؟ وهل سمع بها أحد أو أطلع عليها أحد أو استفاد منها أحد؟ وهل هذه البحوث أصلحت كتابا أو هذبت مادة أو تعرضت لما يعن للعالم من مشاكل اقتصادية أو اجتماعية أو كشفت ما غشاه من إلحاد أو هدته إلى الخروج من حيرته.
وهل يكفى أن يقال إن تراثنا التشريعي غني بما حواه من أفكار القدامى وأبحاث السلف. وإذا كان غنياً فلم لم يتخذ منه الباحثون أداة للإصلاح التشريعي العام؟ ولم لم يعملوا على عقد الصلة بين هذه الأبحاث وبين ما يعرض للناس من نظم مالية واقتصادية وصلات عمرانية واجتماعية وتطورات أخلاقية؟
وهل يكفي أن نتغنى بأمجاد السلف ونأسف على أيامهم، ونقف حيارى لا نهتدي إلى سبيل والعالم بتقدم ويجد فيه من الأحداث ما يقتضي تطور التشريع وتغير الحكم؟ ونكتفي بأن نقول إن التشريع الإسلامي صالح لكل زمان ومكان. وأي صلاحية تبقى له إذا تركناه كما هو يسرد قضايا قد ذهب زمنها وبعدد أحكاماً قد ولى رجالها وتختلف فيما بيننا هل باب الاجتهاد مفتوح أم ذهب زمنه ورجاله؟ لا، لا يليق بمن يبغي البقاء أن يقف والعالم يتطور. ولو بقى على حالة أخشى أن يذهب به إعصار أو يتخلف عن الركب.
ولعلي بهذا أكون أديت بعض ما يجب على نحو الأزهر الذي أعتز بالانتساب إليه وحققت بعض دعوة الأستاذ دينا. هدانا الله وإياه إلى معرفة طرق الإصلاح والأخذ بأسباب النجاح
محمد سيد أحمد الشال
مندوب الأزهر لتدريس الشريعة بكلية المقاصد الإسلامية