يصلح منها للدراسة تشجيعا لمن يريد البحث وحثا له على بذل كل في وسعه لوضع ما يقدر عليه فيما يرزفية فيكون في هذا العمل تشجيع للتأليف والمؤلفين وتوسعه للبحث وإنهاض للباحثين فيتسع مجال التفكير ويكثر الإنتاج الأزهري كما كثر الإنتاج الجامعي.
هذا قليل من كثير مما يتعلق بالبرامج العامة للدراسة وما يتعلق بالكتاب.
أما إصلاح الطالب فيكون بإصلاح نظم الامتحانات والرجوع به إلى رفع درجة النجاح إلى ٦٠ % وعدم السماح للطالب بدخول الدور الثاني إذا قصر في أكثر من مادتين. وفي المادتين لا يسمح له بالامتحان إذا لم يحصل على نصف النهاية الصغرى لكل مادة. وأخذه بالحزم والشدة في جميع التشكيلات ويكون هذا بالعقوبات الرادعة النافذة.
وأما إصلاح المدرس ففي إصلاح البرامج ونظم الدراسة والكتاب ما يكفي لإصلاحه. وهناك ناحية كان لها شأنها في العصور الخالية واستمرت إلى عهد قريب وهي الصلة العلمية بين الطالب وأستاذه حتى كان الطالب يفخر بأنه تلقى العلم على فلان. وكان لكل أستاذ من الصبغة العلمية والفكرية ما يظهر أثره في مدرسته وتلاميذه. وخير شاهد على ذلك المدرسة القريبة العهد بنا وهي مدرسة الأستاذ جمال الدين الأفغاني، وتلميذه الإمام الشيخ محمد عبده. ولقد امتازت مدرسة الشيخ محمد عبده بما امتاز به أستاذها من استقلال الفكر وتعمق البحث والتحرير من الجمود وعدم التقيد بالموروث. فإذا أمكننا أن نحيي هذه المدارس فأحياؤها لا يكون إلا على يد هيئة كبار العلماء بتكليف رجالها بإلقاء دروس للعلماء الناشئين، ولا يقل ما يلقيه كل منهم عن درسين أو ثلاث في الأسبوع يتخذ كل منهم مادة من المواد يدرسها دراسة توسع وبحث دون تقيد ببرامج أو خضوع لزمن، ويكون له في دراستها طابع خاص يمتاز به.
وفي هذا العمل من الفوائد ما لا يخفى على من أدرك الأستاذ الإمام وساعده الحظ بالجلوس في مجالسه والاستماع إلى دروسه.
ولا زالت الصلة العلمية بين الأستاذ وطلابه المنتهين موجودة في النظم الجامعية الغربية. وكانت هذه الصلة سببا في المحافظة على الطابع العلمي والجامعي وهذه بضاعتنا نبت زرعها وترعرع بين جدران الأزهر واستمر حقبا طويلة ثم تركها الأزهريون ففقدوا كثيراً من طابعهم الجامعي! فهلا رجعنا إليها حتى نصل ما انقطع ونجني ما درس.