ويهدونهم إلى شريعتهم. وليس كل المسلمين ولا غالبيتهم ممن يعرفون العربية أو يفهمونها. فالأزهر الآن في أشد الحاجة إلى دراسة اللغات الأجنبية في جميع سني الدراسة حتى يمكنه أن يؤدى رسالته على الوجه الأكمل سواء في المحيط الإسلامي أو في المحيط العالمي. فالعالم الآن على متفرق الطريق يتطلع إلى خير النظم التي تكفل الاستقرار والسلامة لجميع الناس، ويتخبط المفكرون منهم في بيداء التفكير والبحث علهم يقفون على طريق يوصل إلى الغاية؛ وليس هناك من طريق موصل إلا طريق الإسلام.
وأني للعالم أن يهتدي إلى ذلك إذا لم يقم رجال الأزهر بنشر دعوته وتبيين حقيقته ودحض المفتريات التي يذيعها المغرضون أو الجاهلون عن الدين مما ينشر كل يوم باللغات المختلفة ولا نعلم من أمره شيئاً.
وفي السكوت على نشر مثل هذه المفتريات وعدم تجلية حقيقة هذا الدين للعالم تقصير عن أداء رسالة الإسلام. ولقد اتخذ كثير من كتاب الغرب حال المسلمين وما هم عليه من جهل بدينهم وانحراف عنه وتأخرهم وانحطاطهم حجة يقوون بها مفترياتهم ويؤيدون بها دعاواهم في أن هذا الدين لا يصلح لتنظيم المجتمعات ولا لإسعاد الجماعة.
هذه ناحية أخرى وهي أنه يوجد بين أضابير المكتبة الأزهرية كثير من الرسائل في المواد المختلفة تقدم بها إما طلاب منتهون لنيل الشهادات النهائية، وإما أجلة العلماء للحصول على عضوية هيئة كبار العلماء. ولقد عفى على هذه السائل الزمن وعلاها كثير من الغبار ولا يسمع أحد بها ولا يطلع أحد على ما فيها؛ ولم لا تتخذ هذه الرسائل نواة لإصلاح الكتاب؟ وهل هذه الرسائل لا يرتفع قدرها إلى قدر ما كتب منذ ثمانية قرون أو يزيد على طرق من البحث وأساليب من التفكير تتناسب والعصور التي كتبت فيها.
وإذا لم يكن لهذه الرسائل من التقدير ما يجعلها أرفع شأناً مما كتب في تلك العصور فلم قدرت من اللجان التي نظرتها تقديراً استحق صاحبها بسببه أن ينال شهادة أو يظفر بشرف العضوية؟
ولا أدري سبباً لإهمال هذه الرسائل اللهم ألا أن تكون هناك عقيدة لتقديس الآثار فظن من تمسك بها أن الخير كل الخير في التعليق بها، وأن الشر كل الشر في الخروج عليها، وأتباع ماجد من البحوث والأفكار. ولعل في الرجوع إلى هذه الرسائل وبعثها وتقدير ما