ساحرة الجمال، وكانت تحمل في جرتها ماء إلى منزل أبيها، فسألها:(ما اسمك أيتها الفتاة؟) قالت: (جريزلدا)، قال:(إنني يا فتاتي أبحث عن زوجة تشاطرني النعيم، فهل إذا اتخذتك زوجة لي تعملين على هناءتي ولا تعصين لي أمراً بالغاً ما يبلغ من الشدة دون أن يكون في صدرك حرج مما تؤمرين؟). قالت الفتاة:(نعم يا مولاي) وأرسل الأمير إلى المدينة رسولاً فأحضر للفتاة من الثياب أغلاها ومن الحلل أبهاها؛ وعقد على ناصيتها تاجاً من الزهر، وأركبها جواداً وسار بها إلى قصره، وأقام للزفاف ليلة كانت غرة في جبين الدهر، ودرة في تاج الليالي
وسكن الأمير إلى زوجه الصالحة فوجد في طبعها الهدوء والسكينة، وفي شمائلها العذوبة والطمأنينة، وألفاها رفيعة الحاشية كريمة الأخلاق حتى لقد رأى نفسه في الدنيا أكمل الناس سعادة وأتمهم توفيقاً. ولم يكن الشعب أقل سروراً بهذا الزواج. فقد تجلى حبهم وولاؤهم للأميرة وإكبارهم لأخلاقهم وصفاتها ودانوا لها بالمحبة وعقدوا لها القلوب على الولاء
ومضت الأشهر ثم وضعت الأميرة. ولكن وضعتها أنثى! وعادت إلى الأمير عقيدته العتيقة، ولعبت برأسه الهواجس وركبه الشيطان فصد عن سواء السبيل وقال في نفسه:(ما كان لهذه الفتاة أن تبغي عن سواء السبيل حولاً وهي في نعمة سابغة وهناء مقيم. فلو إنني أسأت إليها وبلوتها بشيء من الشدة والبأساء لبرزت طبيعتها الخبيثة وصدق رأيي في النساء)
واستدعاها إلى مجلسه. فلما مثلت بين يديه قال لها:(إن وضاعت أصلك وخسة منبتك كانتا سبباً لسخط الشعب واستيائه، وزاد هذا السخط إنك وضعت أنثى لا تصلح لأن أستخلفها على العرش)
قالت الأميرة:(مولاي! إني أعلم خسة منبتي وإنني أقل من أحط أوزاع الناس شأناً. وما هذه المنزلة التي رفعتني إليها إلا فضل لا أستحقه ونعمة لم أكن أتسامى إلى التطلع إليها. فاتخذ معي فيما بيني وبينك من شأن ما يزكو بشرفك ويرضى نفسك غير آبه لإحساسي وشعوري، فما أنا من المنزلة بحيث أشغل بال مولاي أو أستحق رعايته) وانصرفت الأميرة المبتئسة وفيما هي مطرقة كاسفة البال إذ دخل عليها أحد وصفاء الأمير قال: (مولاتي: إنني بين أمرين أحدهما مر: إما الموت ينزل بي لا راد له ولا دافع، وإما أن آخذ