للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

يستفاد من الفصل السادس، فصل تسوية المنازعات، من مادة ٣٦ إلى مادة ٥٥ أن مجلس الأمن يبذل كل مجهود لفض النزاع بين الدولتين المختصمتين بالطرق السلمية. وما عهدنا نزاعاً أنفض الطرق السلمية إلا نادراً جداً بين دولتين متعادلتين قوة سلاحاً. وأما إذا كانت إحداهما أضعف من الأخرى فلا يجدي إظهار الحق ولا محكمة العدل جدوى في التسوية بينهما سلمياً. فإما أن تستسلم الضعيفة مغلوبة على أمرها مغبونة، أو أنها تدافع عن حقها مستنصرة بدولة أخرى ذات مصلحة.

فهل لمجلس الأمن قوة حربية توقف الدولة المعتدية عن حدودها وتردها عن عدوانها؟

المادة ٤٦ تخول مجلس الأمن أن يطلب إلى أعضاء الأمم المتحدة وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والبريدية والبرقية واللاسلكية الخ؛ وقطع العلاقات الدبلوماسية مع الدول المعتدية.

وهب أن بعض الأمم المتحدة امتنعت عن أن تلبي هذا الطلب (كما حدث في مسالة الحبشة إذ لم تقاطع أي دولة إيطاليا) فما الذي يرغمهما على تلبية الطلب، أتوقيعها على الميثاق؟ فما كان توقيع المواثيق يوماً من الأيام مقدساً محترماً. ما كان إلا قصاصة ورق.

ولمجلس الأمن أن يقرر استخدام القوة وأن يطلب من الأمم المتحدة تقديم القوات المسلحة وفاءً بالالتزامات في مادتي ٤٧ و٤٨. فإذا نكصت بعض الدول عن تقديم المساعدة الحربية فمن يلزمها أن يقوم بتعهداتها؟ وهب أن الدول (أعضاء مجلس الأمن)

اختلفت فيما بينها بشأن تنفيذ خطة المجلس أو قراره ثم تحولت الخصومة الصغرى إلى خصومة كبرى بين جانبي الدول فمن يحسم هذا الخلاف؟

لنفرض مثلا أن رفعت الدولة السورية (وحينما نقول السورية نعني اللبنانية أيضاً) شكوى من فرنسا المعتدية، ورأى مجلس الأمن أن لابد من استعمال القوة ضد فرنسا لأنها لم تذعن. وهب أيضاً أن بعض الدول تحيزت لفرنسا وأصرَّت على هذا التحيز ولم يعد ممكناً صدور قرار من مجلس الأمن، أوانه صدر قرار يستوجب طلب قوات حربية من الدول لإكراه فرنسا على الإذعان ولم تلب بعض الدول الطلب، أفلا يمكن أن يتحول هذا الخلاف في المجلس إلى خلاف كبير بين الدول ويعرضها لحرب هائلة؟

قد تقول هذا فرض بعيد الحدوث لأن الدول تعهدت وهي الآن في ظروف وأحوال تدعها

<<  <  ج:
ص:  >  >>