بسواه أو بما يماثله في القيمة من الكتاب - إلا من ندر -
وقد نشرت في (الأهرام) منذ شهرين مقالاً أعتقد أن فيه تفكيراً وآراء تعرض للبحث والإفادة، ولكن رجلاً، مفروض أنه من خاصة المثقفين، يبادر فيسألني - لا عن رأي أو فكرة - ولكن ليسألني عن كلمة (نضوج) هل بحثت عنها في القاموس لأعرف أنها واردة فيهأم لا. . .؟
وهذا هو الفراغ، فراغ الذهن.
هذه الأمور الجدية التي تشغل - أو يجب أن تشغل - المفكرين في مصر من الأدب والفن والإصلاح، أحد كثيرين من الخاصة والمثقفين يتحدثون فيها ويشغلون نفوسهم وعقولهم بها ولكني أجد أثر ذلك في الصحف المصرية قليلاً، وبعض الصحف يراعي الكثرة الغالبة - مع رأي خاص فيها - فهي في اعتقادي ليست معبرة تمام التعبير عن هذه الناحية من نواحي النشاط والتفكير المصري، وليست (مرآة) واضحة لها. وكثيرون من المفكرين والمشتغلين بالجد من الأمور يتحرجون من الكتابة لبعض الصحف اعتقاداً منهم بأنها تتقبل أو تنشر لمستوى خاص، وتعني بالمظهر دون الجوهر، وتبحث عن الكم لا عن الكيف.
وبقي أن نقول: هل الصحف تكتفي بأن تكون (مرآة) ناقلة معبرة فقط! أم هي دافعة موجهة مؤثرة. . .؟
وربما كان قصور هذه الظاهرة على الناحية الأدبية والاجتماعية والفكرية سببه اتصال هذه النواحي خاصة بتفكير الجماعة وما يلابس حياتنا من التقاليد وبعض الأمور الأخرى.
أمامي وأنا أكتب هذه الكلمة صحف ومجلات فيها مقالات لكتاب لهم اسم لامع واهم ألقاب كبيرة ولكنها تتناول مواضيع وأمور مما يقال إنه يقرأ عادة عقب الغداء أو قبل النوم للتسلية و (قتل الوقت) وبين يدي وأنا أكتب هذه الكلمات مجموعة أعتز بها من جريدة (السياسة الأسبوعية) من بدء صدورها (سنة ١٩٢٦) وإذا قلبت صفحة من صفحاتها لا بد أن تجد بحثاً جدياً مدروساً في الأدب (أدب الفكرة) لا لأدب، الفراغ أو في الإصلاح أو الاجتماع يستفيد منه قارئه فائدة لذهنه وعقله وتفكيره وثقافته. ولدي مجلات أخرى كانت تصدر لخدمة الفكر والإصلاح والتقدم ثم توقفت لأنها لم تساير التيار الجارف المكتسح من الصحافة التافهة الرخيصة، وما تحول منها إلى أداة لهو وسخف ظل منتظم الصدور دائم