ويعمل الجميع بلا خشية ولا رهبة ولا احتكاك ولا شقاق، ويقضي على النفرة بين الحكام والمحكومين، ويشعر الجميع بأن بينهم غرضاً مشتركاً يقوم كل بواجبه لتحقيقه، فيسهل الوصول إلى الغاية المشتركة بالتعاون والتضافر.
الوطنية
لا بد في الحياة الاجتماعية أن تقترن التربية الوطنية بالتربية الاستقلالية منذ الحداثة الأولى. نعم حب الوطن طبيعة يستشعرها الإنسان منذ فجر التأريخ بغير تلقين ولا درس، ولكنها مع ذلك من المشاعر التي يجب تعهدها بالترسيخ والتقوية، وحمايتها مما يفسدها من المؤثرات الصناعية
لا عزة في وطن ذليل؛ ولا قيمة للجاه الفردي والغنى الفردي في جماعة تخضع لإرادة خارجية؛ والاستقلال الفردي لا يثمر في أرض تسخر فيها إرادة الأفراد لغير مصلحة بلادهم
ففي مهد الطفولة يمكن تنمية شعور الوطنية بقص قصص الوطنيين الأبرار وتمجيد أعمالهم وإثارة الإعجاب بها. وفي المكتب أو المدرسة يتغنى الأطفال بحب الوطن ومجده والتفاني في خدمته، وإذا لم تكن العقول الصغيرة غير المتفتحة تدرك المعاني حق إدراكها فأن الذاكرة تختزن الألفاظ لتفيض معاني ملهمة عندما يتسع الإدراك وتأتي المناسبات؛ وخيال الطفل القوي يخلق من أبطال قصص والديه تماثيل ذهنية ناطقة تصاحبه ما عاش وتناديه وتناجيه، تزجره إذا ما حاول العقوق، وتدفعه إذا ما أعتزم العمل، وتتوج هامه بأكاليل الفخار إذا ما أجاد شاباً وكهلاً. وما أعجب فعل العقيدة عن إيمان!!
هذه الصور الخيالية تحفظ الشعور قوياً وثاباً. فإذا ما نضج الشخص بالتربية العقلية والجسمية والخلقية امتزج العقل بالعاطفة وكان في الفرد الوطنية الحية الرشيدة، أقوى أسس الحياة الاجتماعية
دراسة التأريخ بصفة خاصة من أقوى العوامل على تنمية الشعور الفطري بحب الوطن وتثبيته. فالصور الخيالية التي لزمت الطفل من البيت إلى المدرسة تزداد ثباتاً بدرس التأريخ كما ينبغي. التأريخ القديم والحديث حافلان بأعمال البطولة والشرف، وفيهما أمثلة لأعمال الدناءة والخيانة. فمن واجب الأبوين والمعلمين عرض صور الشخصيات التاريخية