عليها عناقيد من الحرير الأسمر المجعد، وعيناها الزرقاوان مستقيمتان أمينتان باحثتان، يداها جميلتان كسائر أهلها وملابسها دائما ذات لون قاتم فتلبس رداء من الحرير الأزرق الغامق، وتضع سلسلة فضية ذات شكل خاص ودبوس كبير من الذهب المجدول، هذا كل ما تتزين به، وكانت بعيدة عن الأهواء شديدة التمسك بالدين، مليئة بالصراحة الجميلة.
فتن والتر موريل عندما التقى ناظراه بناظريها فكانت عند هذا موضع غرابة وسحر إذ كانت سيدة فهي إذا كلمته نطقت في لفظ جنوبي وفي إنجليزية يرتعش لسماعها.
ليس موضوع الرواية حب ولتر موريل عامل المناجم أو تزوجه من جرترود كوبارد، وإنما موضوعها أجل من ذلك، ولكنن أردنا أن نسوق شيئا من وصف الرواية لهما كي نتعرف إليهما قبل أن نتعرف إلى أبنهما الصبي بول موريل.
وليس بول بكر أولادهما، فوليم موريل كان أكبر الأولاد واليه تحول حب الام حين حل الجفاء بينها وبين زوجها محل الحب الأول، إذ لم تلبث السيدة موريل، وهي المهذبة المثقفة أن أكتشفت حقيقة زوجها ورأت وراء ذلك الجسد الذي سحرها بفتوته روحا خشنة غير مهذبة، وأخذ زوجها كزملائه يقبل على الكأس فلا يذهب إلى البيت إلا ثملاً وإذا كان ثملا، كان جافا تبدو خشونة طباعه.
تحول حب الأم إلى الأبناء ولا سيما الابن الأكبر وليم وصممت بعزيمتها الفولاذية على أن يكون أبناؤها مثقفين بارزين في مضمار الحياة، وكان وليم فتى طموحا يميل إلى التعليم وقد تمكن من أن يجد عمل كاتب في أحد المحال القريبة من قريتهم ثم انتقل إلى عمل في لندن وصارت زيارته للأسرة عيداً من الأعياد.
واحب وليم فتاة من الكاتبات في لندن وعزم على الزواج منها فقدمها إلى عائلته وكانت فتاة كثيرة الأهواء محبة للمظاهر ورأت الام بعين الحنو أنها لا تصلح لابنها ولكن بعين الحنو أيضا سكتت على مضض.
على أن الفتى كان يكتشف حبيبته شيئا فشيئاً، ورفع الستر عن عينيه كما يدل على ذلك حديثه في زيارته الأخيرة لأسرته، وكان ذلك في مساء يوم السبت.
وقد خاطب أمه مرة واحدة ذلك المساء وكان يتكلم عن حبيبته في لهجة الحزن والألم:
ولكنك تعلمين يا أماه لو مت لتألمت شهرين ثم تأخذ في النسيان، وسترين إنها لن تأتي إلى