فقالت أمه: ولكنك لا تموت يا وليم، فلماذا تتكلم عن الموت؟) على أن القدر رسم له أن يموت، فقد عاد إلى لندن في منتصف ليل الأحد وفي يوم الثلاثاء تسلمت مسز موريل برقية بأن أبنها مريض، فأسرعت إلى القطار ولا ريب في أن الام كانت تشعر ذلك الشعور الخفي بالكارثة، ولا ريب في أنها كانت تقاوم ذلك الشعور وتغالبه فلا تستطيع، ووصلت إلى لندن لتراه يموت بين أحضانها دون أن يتعرف على أمه.
أن الصفحات التي وصف فيها د. هـ. لورنس دخول الموت إلى هذه الأسرة من أروع ما كتبه.
تحطمت آمال الأم في وليم فتحولت إلى ابنها بول ونشأ بول كما نشأ جميع أفراد العائلة على حب الأم وعلى أن يعتبر أباه خارجا عن الأسرة، ونجد صورة من ذلك في مرض حدث له وهولا يزال صبيا:
(أصيب الغلام بنزلة صدرية ولكن لم يهتم لها كثيرا، فأن ما حدث قد حدث، وليس ثمة فائدة من مقاومة الأشواك، وكان يحب المساء بعد الساعة الثامنة عندما تطفأ الأنوار ويستطيع ان يترقب لهيب نيران الموقد يبدد ظلام الحائط والسقف، ويرى ظلالاً عظيمة تتموج وتضطرب، وكأن الغرفة امتلأت برجال يتقاتلون في سكون. كان الاب يدخل غرفة المريض قبل أن يأوي إلى فراشه ومن عادته أن يكون في نهاية الرقة إذا مرض أحد في البيت ولكنه كان يعكر جو الغرفة لدى الغلام.
سأل موريل في رفق: هل أنت نائم يا بني؟
فأجاب الغلام: لا! هل أمي آتية؟
أنها انتهت الآن من طي الملابس، أتريد شيئا؟ وكان موريل يخاطب أولاده بلهجة الاحترام.
- لا أريد شيئا ولكن هل تغيب طويلاً؟
- لا تغيب طويلا يا بني
ووقف الاب برهة في تردد فوق الطنفسة المبسوطة أمام الموقد وقد شعر أن أبنه لا يريده، ثم ذهب إلى أعلى السلم وقال لزوجته: