للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الزيتون، لا يشربان من ماء النيل وإنما من ماء العيون. وبالواحة ما يقرب من مائة عين، كل عين تسيل في قنوات يخضر من مائها الحجر، ويينع الزهر ويستوي الثمر؛ ماء عذب صاف لا تخرجه آلة ولا يجود به سحاب وإنما ينبعث من جوف الحصى. . ينضح وجه الصحراء العبوس فيبتسم، وجبهتها المتقطبة فتنبسط، وطبيعتها القاسية فتلين. . يرزقها الظل وهي بنت الهجير، ويمنحها النسيم وهي أخت العواصف، ويسمها الجمال وهي من سماتها التجهم.

وتنخفض سيوة عن مستوى سطح البحر بستة عشر متراً، ويقترب منسوب الماء من سطح الأرض؛ فقد حفرت حفرة صغيرة عمقها خمسون سنتيمتراً في الجهة البحرية من الاستراحة الحكومية فتجمع الماء في قاع الحفرة، على حين ظهر الماء في ارض المطار الحربي الجديد على بعد اكثر من مترين. ويمكن الاستفادة بقرب مستوى منسوب الماء في زراعة بعض الفواكه مثل البطيخ حيث لا يحتاج الأمر إلى كثير جهد. ويغطي التربة في كثير من الأماكن طبقة قشرية ترتفع فيها نسبة الأملاح مما قد يحتاج إلى بعض الجهد في استصلاحها، إلا لن وجود العيون ومائها المنساب ييسران إلى حد كبير هذه المهمة.

وهناك عين جديدة يوجد حولها اكثر من مائتي فدان لا ينقصها إلا اليد العاملة والبذرة التي توضع في الأرض، ولكنك لو سألت، أتاك الخبر المحزن: كسل الأهالي وقلة الأيدي العاملة. إن الأهالي هناك تراهم بنية لا تستقيم. . ويداً لا تشتد، وهمة لا تطمح، فهم يعتمدون على ما يدره النخيل والزيتون. . أما النخيل فيبيعون ثمره على أنواعه ويصنعون من بعضه (العجوة). وأما الزيتون فهم يخللونه أو يعصرونه في معمل الوزارة الموجود هناك ليستخرجوا منه زيت الزيتون، أما بقية العام فهم يقعدون. . اللهم إلا قلة قليلة تزرع الشعير وهو يجود. وانك لتلاحظ الكسل من غير صعوبة لو انك طفت مرة واحدة بالكميات الضخمة من النخيل في الحدائق المختلفة، فلا نجد نخلة مشذبة منظمة، بل يتكاثف سعفها من عام إلى عام، ويحيط بها سنة بعد سنة، وهم يحجمون عن ان ينموا النجل بحجة تستند إلى خرافة.

ما السبب إذن في ذلك الكسل المخيم؟ إن لأسبابه جذوراً عميقة تمتد إلى اكثر من التواكل. يقولون إن الشذوذ الجنسي في الرجال شائع إلى درجة كبيرة جداً. . . ونحن لا يهمنا أن

<<  <  ج:
ص:  >  >>