للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

السلام، وكتاباً في تاريخ الصديق، وكتاباً في تاريخ عمر، وكتاباً في تاريخ علي بن أبي طالب، وكتباً أخرى في تاريخ صدر الإسلام. فلم يفتح الله علينا بكتاب واحد في أثناء ذلك كله يقول لنا إن أبا بكر الصديق رضى الله عنه قد استنفر المسلمين للجهاد. . . ولهذا نحن سطحيون قليلو المراجع. . . وحضرة الناقد بفتوح بلدانه وحدها عميق يعلم ما لا يعلم إلا بالجهد الجهيد

حضرة الناقد العميق إذن مسئول، وله الفضل والكرامة، أن يدلنا على كتاب واحد - واحد فقط - تلقيناه عن تاريخ صدر الإسلام ولم يذكر هذا الذي ذكره واستدل به على كثرة مراجعه وقلة مراجعنا. . . نحن المساكين السطحيين

نعم كتاب واحد لم يذكر هذا الذي ظنه كنزاً مخفياً لا يعثر به العاثرون إلا بعد فك الأرصاد وإطلاق البخور والتنقيب في كل رف مسحور وكل سرداب مطمور

وما قول صاحبنا بعد هذا في رسائل الصديق نفسها وهي تدل على مكان الغنائم من ترغيب المسلمين في الجهاد؟

قال في رسالة (سارعوا عباد الله إلى ما سارعوا إليه، ولتحسن نيتكم فيه، فإنكم إلى إحدى الحسنيين: إما الشهادة وإما الفتح والغنيمة)

ولكنه قال في رسالة أخرى: (فاستتموا موعد الله إياكم، وأطيعوه فيما فرض عليكم، وإن عظمت فيه المثوبة، واشتدت فيه الرزية، وبعدت فيه الشقة، وفجعتم في ذلك بالأموال والأنفس، فإن ذلك يسير في عظيم ثواب الله!)

فهي أسباب اقتصادية بديعة تلك التي نتقدم عليها الفجيعة في الأنفس والأموال وتعظم فيها المثوبة وتثقل الرزايا!

وأيا كان غرض الجهاد مع هذا فليس الأمر موضع شك في فريضة الجهاد على المسلمين، وليس في السامعين باسم الإسلام من يجهل أن الجهاد مفروض على المسلم في حالة من الأحوال، بل المبالغة التي أربت على كل مبالغة في حديث الأقوام عن الإسلام أنه دين السيف كما يقولون

إنما المسألة هي موضع الجهاد لا وجوب الجهاد في بعض الأحوال، والذي ننكره كل الإنكار أن المسلمين يقاتلون لغير ضرورة ويحملون السيف في غير موضع السيف، ولسنا

<<  <  ج:
ص:  >  >>