التفكير وعلى إبداء رأى خاص في مشكلة من مشاكل العلم الذي تخصصنا فيه، حتى يدمج هذا البحث ضمن البحوث العلمية فيكمل ناحية نقص فيهاوذلك طبعا غير التأليف المدرسي، فقد أخرجت من هذا النوع ثلاث مذكرات: في الفلسفة الشرقية، وفي الفلسفة الإسلامية، وثالثة في علم النفس العام (بالاشتراك مع الأستاذ عبد العزيز عبد المجيد في هذه الأخيرة) _. ولكن ليس عدم انتاجنا الجامعي راجعاـ كما يقول الأستاذ الشرقاوىـ إلى أننا لم نفد شيئا مما تعلمنا في أوروبا، ولا إلى اننا لم نجد من أنفسنا شجاعة ولا قوة لكي نكون منتجين ولا مفيدين، بل يرجع إلى حالة أخرى خارجة عن معرفتنا وشجاعتنا؛ يرجعإلى بيئة الأزهر العلمية
الأزهر يغاير الجامعة في أن بيئته العلمية لم تتهيأ بعد (تمام التهيؤ) للأبحاث العلمية الحديثة، للأبحاث الجامعية. لأن هذه تقوم أولا على حرية النقد، وهذا معناه عدم منح القداسة لبعض المواد دون بعض. وثانيا على عدم التقيد (بالكتاب) كمصدر للبحث ومقياس للحقيقة. والأزهر - في الواقع - يسير في أبحاثه على منح القداسة لبعض المواد دون بعض ـ وإن كان بينها شديد الشبه من وجهة البحث - وعلى التعلق بمبدأ الكتاب. نعم مناهج التعليم لا تنص على كليهما ولكنهما من الأمور المتوارثة التي اصبح لها حرمة المبادىء العامة. وليست العبرة في ملاحظة الظواهر بما يقوله المنهاج، ولكن بما تتبعه النفوس
فمثلا يفرض نظام التعليم في الأزهر تدريس الفلسفة، وأزيد من هذا بجعلها مادة أساسية في كلية أصول الدين؛ ولكن الفلسفة في نظر كثير من الأزهريين مازال منها (الفاسد)، وهو أكثرها، و (الصحيح)، وهو أقلها. ومازال كثير منهم يخفى في نفسه الضغينة للفلسفة والفلاسفة ويضعها في مرتبة دنيا عن عالم الكلام، مع أن هذا الأخير يشارك الفلسفة الإلهية في الموضوع وفي الغاية، وهي محاولة تحديد الإله أو مبدإ الوجود وعلاقته بالكون وبخاصة بالإنسان. ومع أن الفلسفة الإغريقية التي نقلت إلى المسلمين كانت سبب ثرائه ونمائه. هذه الفرقة أثر متوارث عن الغزالي؛ فكتابه (إحياء علوم الدين) قد أصبح منذ القرن الثاني عشر إلى الآن صاحب الكلمة في التوجيه الديني وفي تحديد علاقة البحث العقلي بالدين. والغزالي هو صاحب (تهافت الفلاسفة)؛ وهو صاحب الرأي: بثلاثة كف