للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الشمال. ولم يكن قرار هولندا لا يؤثر إلا على موقف جيوشها وحدها، وهذا أمر لهم وحدهم حق تقريره. بينما انسحاب القوات البلجيكية من مواقعها قد أخلى ثغرات واسعة في صفوف القوات المتحالفة.

فإذا عرفنا أن من تقاليد الجيوش البريطانية والفرنسية ألا تلقي السلاح تبين لنا مقدار الخطأ الفادح الذي جره إلقاء الجيش البلجيكي لسلاحه. وإذا كان ثمة خطأ يسند إلى الملك ليوبولد، فلأنه لم ينذر قيادة الحلفاء بالخطوة التي اعتزمها لتتخذ من التدابير ما يربأ الصدع الذي يحدثه انسحاب قواته.

بين المساء والصباح

أضعف إلى ذلك ما وافتنا به تلغرافات صباح يوم الثلاثاء من أنباء تهلل لها وجه الناس بالبشر والأمل، فقد وصلت جيوش الحلفاء إلى بابوم، وهي تقع في منتصف النتوء الألماني بين حوض نهر السوم ومدينة أراس. ومعنى هذا أن جيوش الحلفاء تمكنت من الضغط على رقبة النتوء الألماني الممتد من هذا المكان إلى سواحل البحر. ولو تيسر لها أن تصل خطوطها بين جيشي الشمال والجنوب من هذه الناحية لسهل عليها أن تحصر هذه القوات وتعزلها عن قواعد تموينها، وبالتالي تقض عليها قضاء مبرماً.

وذهب بعض الناس إلى أن هذه الخطوة معناها انتصار الحلفاء وبدء الخاتمة. فقد سحبت ألمانيا كثيراً من قواتها من خط سيجفويد ومن على الحدود السويسرية لتعزيز أماكنها كما أيدت مواقعها بقوات ميكانيكية هائلة هي في الواقع صفوة القوات الألمانية التي أعدت الخطيرة الحاسمة. ويدلنا هذا على أن احتياطي القوات الهتلرية قد نفذ فاعتمدت على قوات رئيسية

وقد رأيت كثيراً من الناس يضعون دبابيس كبيرة في هذا الموضع ويضغطونها بشدة على خرطهم كأنها مسامير توضع في نعش الجيش الألماني، ثم يوصلونها بمواقع الحلفاء بخيوط خضراء رمزاً للسلام يسود العالم. ولكن ما كادت تلغرافات الصباح تصل بنبأ تسليم الجيش البلجيكي حتى وجم محررو الجرائد، ووقفوا أمام خرطهم مترددين أين يضعون دبابيسهم، وكيف يفهمون الموقف على ضوء الحوادث الأخيرة

وأنعش خطاب المستر تشرشل وتصريحات وزراء بلجيكا كثيراً من الأفئدة فعادت لها ثقتها

<<  <  ج:
ص:  >  >>