للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

نضجت على يديه. وهنا يثبت لنا أنه يرجع إليه الفضل في تلاميذه الذين هم كبار رجال الإصلاح وذوو اليد الطولى فيه وهم يشكرون له كل ما عندهم من خير

وعند ظهور جمال الدين الأفغاني كانت تتردد في الهند بعض أصوات، ويدور القول حول إصلاحات آخذة في النهوض في وجهات وأشكال مختلفة، ولكننا لا نعرف بالدقة مدى ارتباط جمال الدين ببدء الحركة في الهند وهل كان له فيها يد أو كان الأمر بالعكس، فهما من ناحية التأثير يتلاقيان معاً عند خطر واحد، وفي العصر الحاضر مع هذا يعتبر جمال الدين عند الشباب في الهند الممهد العظيم للطريق

وكانت تربة الهند في أوائل القرن التاسع عشر قد مهدت من ناحية تأثرها قليلاً أو كثيراً بالوهابية العربية، وكانت الحال في الحقيقة تبدو متفقة معها، ولو أن شكل الحركة الوهابية الشعبية المتحنثة لم تكن هي التي غذت الحركة الهندية الإصلاحية في روحها فإن التجديد في الهند صدرت عن طبقة غير مثقفة تثقيفاً عالياً، وكل ما هنالك أن هذا التقابل بين هذه الحركة والحركة الوهابية يمكن أن تشرحه وتفسره هذه اليقظة التي جاءت من تلك الهزة العنيفة التي صدرت من المركز الإسلامي بالبلاد العربية

وقد ظهرت حركة الإصلاح في الهند للعيان في شكل حركة عقلية على رجال مثل سيد أحمد خان مؤسس مدرسة عليكرة (المتوفى سنة ١٨٩٨) قديماً، ومن أمثال أمير علي وخودا باخشا حديثاً، وقد تأثر هؤلاء الهنود تأثراً عميقاً بما هو ظاهر ملموس في وطنهم على الأخص من تأخر المسلمين وما أصيبوا به من ضرر بالغ من جراء جمودهم إزاء المدنية الحديثة، وهم على العموم - مخالفون في هذا جمال الدين - لم يندفعوا بدافع سياسي، بل أنهم اعتبروا خضوع الهند للإنجليز أمراً ضرورياً وأمراً مرغوباً فيه لذلك، كما أن حركتهم لم تصدر أولاً وبالذات من أفكار دينية اقتنعوا بها. وكل ما هناك أنهم عرفوا الثقافة الغربية واتصلوا بها، فقاموا بحركتهم تحت تأثير تأخر المسلمين. وإنهم كمسلمين محبين للإسلام - كما أحسوا - كانوا يرون أن الإسلام الصحيح الخالص لا يقف في طريق الثقافة الحديثة بأي شكل، وأنه في الأصل هو الدين الوحيد صديق العلم والتقدم. وعنوا (الإسلام الصحيح) ولم ينكروا أن الإسلام على ما هو عليه في الوقت الحاضر فيه ما بجانب الإصلاح وقد جاء هذا كما قالوا من أن البحث المستقل في مراجع الدين الأصلية

<<  <  ج:
ص:  >  >>