- يعنون الاجتهاد - غير جائز، وأن الناس خاضعون للتقليد الأعمى من جراء الإجماع الذي طغى على الإحساس وجعل الفقه جامداً مقيداً، وأن أفكار المتأخرين سويت بتعاليم الرسول
وقد رفضوا الأخذ بأحاديث كثيرة وتمسكوا بشدة بالقرآن الكريم
وقد اعتقد المسلمون بالهند - وليس ذلك بصحيح دائماً من الناحية التاريخية - بالمعتزلة الذين صوروهم بأنهم المفكرون الأحرار واتخذوهم كمثل عليا في التجديد. وسموا أنفسهم أحياناً بطيبة خاطر (بالمعتزلة الحديثة) لأنه فيهم قد ظهرت إلى الحياة أغراض هذه الفرقة الإسلامية الحرة وجهودها
ويظهر من طبيعة الأشياء أنهم أخذوا تعاليم من طريقة هذه المدرسة القديمة مما لم يفكر فيه بعد فمن هذا فكرة (تطور الفقه) التاريخية (فهم - أي المعتزلة - يرون بالنسبة للأعمال الإنسانية أنه لا يوجد قانون دائم وإن النظام الإلهي الذي ينظم سلوك الإنسان نتيجة للتقدم والتطور، وأن الله نظم أوامره ونواهيه في شكل متدرج متطور من القانون)، وقد بحثوا باجتهاد وذكاء في شرح المعاني والأغراض في القرآن والحديث الذي يستعملونه إذا خالف ذلك أفكارهم في سبيل التدليل على أن الإسلام الصحيح يحض على العناية بالعلم بلا قيد ولا شرط ولا يخالف نتائجه، وهنا أظهروا حقاً صورة للإسلام كمثل أعلى.
على أن هذه الطريقة التي استعملها رجال الإصلاح وإن كانت لا تقوى أحياناً على النقد التاريخي، فإنه مما يستحق التقدير حقاً كفاح هؤلاء الرجال في قضية أضاءت في نفوسهم، والمهم في الحكم إنما هو الغاية لا الطريقة، وهي ليست إلا محاولة لتحرير الإسلام من قيود المدنية للقرون الوسطى
والأمر الغريب هنا هو أن الخطوة الأولى لهذه الغاية الجريئة وهي رفض الفقه الإسلامي لم يقم بها على أساس ثابت مأمون ولم تأخذ اهتماماً عمليا؛ ويظهر أن حالة التقوى تمنع من ذلك
ولكن بجانب هذا قد مهد الطريق الآن لفهم التاريخ فهماً واضحاً لتقبل الفكرة التي تقول أن النظم المعتبرة تاريخياً لا يمكن أن تبقى سائدة دائماً، وفي آخر الأمر يكون قد تم الانتصار على مبادئ الضعف، وأكملت على الأقل خطوات خطاها المدافعون الأحرار عن المعارف