الكسالى على الاطمئنان إلى أن الزمن يصنع في الترقية ما لا يصنع الجهاد في أداء الواجب بأمانة وإخلاص
ولقد كانت هذه النظرة الحصيفة خليقة بأن تُقدَّم إلى القراء في مقال أو مقالين عساها تصبح من التقاليد الأساسية في الحكومة المصرية
وهل ضاعت المواهب في بلادنا إلا بسبب التقيد بالأقدمية؟
إن رفعة رئيس الوزارء فتح مجال النضال لتحطيم هذه الصخرة التي طال عهدها بتعويق خطوات المجاهدين في سبيل الواجب، فكيف نسكت وقد رأينا الكسالى الخامدين يعتمدون على الزمن في تقدير الأنصبة والحظوظ والحقوق؟
ومن الذي يشرح هذه المعاني ويصيِّر الاعتماد على الكفاية عقيدة وطنية إذا سكت عنها الأدباء واكتفوا من الأدب بوصف القمر والشمس والنجوم والأزهار والرياحين؟
وكيف يُحجب الأدباء عن درس الشؤون الأساسية في سياسة المجتمع وقد صار الأدب في بلادنا من المؤهلات الملحوظة في اختيار الوزراء؟
وهل يظن عاقل أن وزراءنا يرضون لأنفسهم ومواهبهم بالتخلف عن مسايرة الحياة الأدبية؟
الأديب المصري هو المسئول عن العزلة التي يعانيها بالبعد عن محيط الحياة الرسمية، فلو أنه كان اهتم بمتابعة ما يجدّ من الشؤون التي تعالجها الدولة بالطب لأمراض المجتمع لنُصبتْ لأدبه الموازين، وصار له في كل مقام مقال؛ ولكن الأديب المصري يتوهم في أغلب الأحيان أن الأدب له مجال غير النظر فيما يهتم به وزراء الدولة من خطير الشؤون
إن الزمن يُسرع، ثم يُسرع، ثم يسرع، وأخشى أن تنقضي حياتنا قبل أن نرى للقلم دولة في هذه البلاد
فمتى يعرف الأديب أن من واجبه أن يُقنع الدولة بأنه خُلق لوصف المجتمع باللغة العربية، وهي اليوم لغة مصر، وعن مصر يأخذ الحجاز نفسه علوم اللغة العربية؟
ومتى يستطيع الأديب بحسن الترفق والتلطف أن يكون له في كل معضلة قول، وفي كل مشكلة رأي؟ متى يغيِّر الأديب ما بنفسه فيدرك أن الدولة تنفق في كل سنة نحو نصف مليون من الدنانير لتخلق الأديب الذي يستطيع أن يشغل الناس بأخلاقهم وأذواقهم ومبادئهم.