طريق أميتهم التي رانت على أبصارهم، وناءت على عقولهم، وحجبت عنها النور بتلك الطبقة الكثيفة من السذاجة والغفلة والجهل المبين
إن اضطلاع وزارة الشئون الاجتماعية بمهمة محو تلك الأمية الذميمة هو أشرف الأعمال التي تضطلع بها وزارة من الوزارات بل هو أجل خدمة تؤديها للوطن، الوزارة التي أنشئت لخدمة المجتمع المصري، وانتشاله من تلك الوهدة التي تتردى فيها غالبيته المسكينة البائسة التي لا تنتفع من ملايين التعليم العشرة إلا بأزهد مقدار وأضأله، وبطرق بعيدة غير مباشرة
وإن مهمة محو الأمية في مصر لعمل تنوء به وزارة واحدة، ويجب لهذا أن يعد خدمة وطنية عامة تعبأ له جهود الشعب كلها، بحيث يكون مرتكباً لجريمة الخيانة الوطنية الكبرى كل مصري يستطيع أن يساهم في هذا العمل ثم يحجم عن المساهمة، أو يتراخى في القيام بنصيبه فيه
إن هذه النسبة العالية من إخواننا وآبائنا وأمهاتنا وأخواتنا وأبنائنا المصريين، المحرومين من نعمة القراءة والكتابة، هم في الحقيقة محرومون من النور، بل من الحياة، بل من الكرامة الإنسانية. وإن من الأنانية التي ليست وراءها أنانية أن تنتفع نسبة ضئيلة من سكان البلاد بمائة مليون من الجنيهات أو تزيد كل عشر سنوات، دون أن تنتفع غالبية الشعب بشيء من هذه الملايين
فالمسألة جد أذن، ونحن منها إزاء خطر وطني يجب أن تتضافر الجهود على التغلب عليه. . . لقد أنشأنا وزارتي التموين والوقاية المدنية من الغارات الجوية لأسباب لو اجتمعت كلها ومعها عشرة أضعافها، لما بلغت أسباب هذه الأمية بعللها وآثامها وعقابيلها الوخيمة، لأنها أضل العلل، ولو أنصفنا هؤلاء الإثني عشر مليوناً وثلاثة أرباع المليون من إخواننا المصريين الأميين التعساء لأنشأنا لهم وزارة لمكافحة تلك الأمية التي تنحط بهم إلى مراتب الحيوانات بين أسماعنا وأبصارنا، نحن إخوانهم المتعلمين الأنانين!
فإذا نهضت وزارة الشئون الاجتماعية لهذا الأمر، وجب ألا تضطلع به وحدها، بل واجب على كل وزارة أن تعاضدها فيه، بل وجب على جميع المصريين، أفراداً وجماعات، أن يقدموا لها معونتهم الصادقة المثمرة، بحسبان أن هذه المعونة خدمة وطنية عامة، وفرض