للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إليها.

لقيته يوماً يلعب مع غير أخوته فسألته:

ماذا تصنع يا إسماعيل؟

قال: لا أصنع شيئاً.

قلت: لكني أراك تلعب، فأين ذهب أخواك؟

قال: إلى المدرسة؟

قلت: ولم لم تذهب أنت معهما؟

قال: هكذا!!

قلت: هكذا؟ هكذا كيف؟

فأعادها مرة أخرى، وأدركه طفل أكبر منه بالجواب، فقال: إنه صغير! وهو على كل حال جواب يحسن السكوت عليه.

قد يقال: وأسباب الأطفال أيضاً هي أسباب النساء. .!

لكن الواقع أن جهل الأسباب على هذا النمط غير مقصور على النساء والأطفال، وأن أناساً كثيرين بعضهم متعلمون وبعضهم غير متعلمين يجهلون أسباب ما يعملون وأسباب مالا يعملون، وتسألهم عن أمر من الأمور التي تقوم عليها الحياة وتتصل بها الأرزاق، فلا يعطونك سبباً، أو يعطونك سبباً قلما يغنيك عن التعليل.

أعرف أسرة من الأذكياء المتعلمين ينتقلون من منزل إلى منزل كل ستة شهور أو كل سنة على أبعد أجل، ويحيل أحدهم على الآخر في بيان أسباب الانتقال، فهذا المنزل كرهه فلان، وهذا المنزل انتقاه فلان، وآخر ما يقال في تهوين هذه المشقة وتهوين ما يتبعها من خسارة ونفقة:

وما الفرق بين بيت مستأجر وبيت مملوك إن كان الإنسان لا يتنقل بين البيوت؟

ومن الواضح أن الإنسان لا يزعج نفسه وأسرته بالانتقال وتحطيم بعض الأثاث وتجديد بعضه على حسب تنظيم المسكن الجديد لغير شيء إلا أن يجد الفرق بين البيت المستأجر والبيت المملوك، أو أن ينفس على شخص واحد أن يتقاضاه الأجر زمناً طويلا فيفرقه بين أشخاص متعددين.

<<  <  ج:
ص:  >  >>