الوزارة تقول أنها تقصد من ذلك إلى استثارة القوى والكشف عن (الكفايات المغمورة)؛ هذا كلامها؛ فما بالها تصر على امتحان ذوي القوى العاملة و (الكفايات المشهورة) إذا لم يكن القصد من الامتحان إلا الكشف أو الاستكشاف؟ ما قيمة المصباح تشعله في النهار والشمس طالعة؟ وما عمل المظلة ترفعها على رأسك في الظلام ولا مطر ولا غمام؟ وماذا يقول المعلم يوم الامتحان إذا كانت مؤلفاته وأعماله الأدبية هي موضوع الامتحان؟
هنا مشكلة أدبية عامة، هي مشكلة (النفر الستة) الذين قصر عليهم الدكتور زكي مبارك حديثه في العدد الماضي.
ليت شعري ما شأنك وشأنهم يا صديقي؟ إنك لتعرف هؤلاء النفر الستة معرفة الرأي والنظر، وتعرف كم أبلوا في جهادهم للعلم منذ سنين؛ وأراك لم تنكر أقدارهم العلمية والفنية على طول ما تعتبت عليهم وتجنيت.
هؤلاء النفر الستة يا صديقي - وأنا منهم - لم يرجوا وزارة المعارف أن ترقيهم إلى المدارس الثانوية كما ظننت، فإنهم أصدق نظراً من أن تخدعهم الفروق الصغيرة بين الأسماء فتحملهم على الرجاء والاستجداء. . .
بلى، نحن لم نطلب هذه (الترقية)، ولم نسع لها، ولا نعرف لها طعماً مما يمر في الأفواه ويحلو؛ وإن لنا من الإيمان بأنفسنا ومن الإيمان بمعنى الأدب ما يرتفع بنا عن ذلك المستوى، ولكنا كتبنا لننبه وزارة المعارف إلى معنى أدبي كان ينبغي ألا تغفل عنه أو يغفل عنه القائمون بشؤونها؛ - كتبنا لننبهها إلى أنها بما أكثرت من الحديث والنشر عن امتحان المسابقة، ونتائج المسابقة، قد ألقت في وهم الناس أن معلم المدرسة الابتدائية ليس له من العلم مثل حظ المعلم في المدرسة الثانوية، وليس له تحصيله وكفايته. . . . . .
هذا المعنى يا صديق يسوءني ويسوءك، ولكنه يسئ إلى وزارة المعارف أكثر مما يسوءني ويسوءك حين يعرف الناس أن بين المعلمين في المدارس الابتدائية طائفة من أهل التأليف والتحقيق يدوي صوتهم في آذان الشرق العربي ويملأ حديثهم نوادي الأدب هنا وهناك ولا تكاد تحس بهم وزارة المعارف. .!
أي تهمة يا صديقي تنال وزارة المعارف في سمعتها، وماذا يقول الناس عن كفايتها وحسن