للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبأرجلها نحو الشرق، وأن النجوم حلى منثورة على بطنها وصدرها

وإذا فكرنا قليلا نجد التشابه في الفكرة عظيما، ولاسيما وأن الذين تخيلوا السماء على هيئة بقرة ظنوا أن الشمس تولد (تشرق) على هيئة عجلة صغيرة؛ وأما الآخرون الذين تخيلوها على شكل امرأة فقد ظنوا أنها تشرق على هيئة طفلة تسير من الشرق إلى الغرب، فلا تلبث أن تصير عجوزاً عند غروبها

ظل الحال كذلك حتى اتصل أهل مصر العليا بأهل مصر السفلى وتم التعارف بينهم، وتبادلوا التجارة وتفاهموا في شؤون الحياة وفي شؤون الدين

وكانت نتيجة هذا التعارف والتفاهم أن وجدنا أن هناك من رأوا الصقر يطير بسرعة، فتخيلوا الشمس مثله، تطير بجناحين من الشرق إلى الغرب. وكان أثر هذا الخيال عميقاً في الفن المصري، فترى الشمس قد رسمت بجناحين في مناسبات مختلفة

ولم ينته الأمر عند هذا الحد، بل نظر المصري إلى الماديات وأولها وادي النيل، فتخيله رجلا منبسطاً على الأرض، ظهره إلى السماء وعليه نمت النباتات، وعاش الإنسان والحيوان مستمدين الحياة من الشمس. وظنوا أن الدنيا تبدأ حيث بدأ النيل من ذلك المحيط اللانهائي جنوباً، وتنتهي حيث يصب شمالا

واعتقدوا أن هناك آلهة للماء وللأرض وللهواء، وتوسعوا في تصوراتهم فجعلوا للحياة إلها وللموت آخر، وللمسرات والحب غيرها وهكذا

وكانت عبادتهم للشمس قوية باعتبارها مصدر الحياة والنور، فاختاروا لها مدينة خاصة أسموها عين شمس (هليوبوليس) كما أسموا الشمس (رع) عند الشروق و (اتوم) عند الغروب.

ونظراً لدقة ملاحظتهم للقمر وإعجابهم بانتظام سيره الزمني، جعلوا منه منظما لزرعهم واعتبروه إلها للعلوم والآداب، واتخذوا بلدة الأشمونين (قريبة من المنيا) مقراً لعبادته

ورمزوا للسماء ببقرة رسموها في معبد درندرة (بالقرب من قنا) وبقطة في صا الحجر (بالقرب من كفر الزيات) وبلبؤة في ممفيس (بالقرب من البدرشين)

وكانت مصوراتهم التي رمزوا بها للآلهة بسيطة في أول الأمر، مما يدل على بساطة معيشتهم في ذلك الحين، كما أن رسوماتهم لها لا تدل على انهم أحبوا حيواناتهم حباً عظيماً

<<  <  ج:
ص:  >  >>