للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جعلهم يصورون رؤوس هذه الآلهة بصور تلك الحيوانات نفسها عند تدهور المدنية المصرية

وإذا دهشنا للعقلية المصرية من ناحية العقيدة الدينية، فإننا لا نندهش عندما نجد الكهنة يتركونهم مسترسلين في عقائدهم حتى بذلك يدوم لهم السلطان

وكانت هذه العقيدة، رغماً عن عدم انسجامها مع العقلية المصرية خير دافع للفن المصري بل وإلى الحضارة المصرية إجمالا، فكل ما وصل إليه المصريون من أبهة وعظمة كان عن طريق هذه العقيدة، وكل ما تركوه من آثارها لا يخرج عما شيدوه للدين

فإنشاؤهم المقابر والأهرام والمعابد، كل هذا لم يكن إلا لرسوخ العقيدة الدينية في أنفسهم. ولا يعنينا الآن وصف شيء من مقابرهم أو أهراماتهم؛ أما معابدهم فكانت إجمالا عبارة عن حوش محدود بحوائط تنتهي بصالة مستطيلة ذات أعمدة، وعلى يمينها ويسارها غرف لحفظ الأثاث والأدوات والهدايا، وضمن هذه الغرف مساكن الخدم

وخصصوا غرفة وضعوا في وسطها حجراً من الجرانيت المنحوت جيدا، جعلوه قاعدة لتمثال المعبود الذي كان أحيانا من الخشب المطعم بالذهب والفضة والأحجار الكريمة، وبارتفاع يتراوح بين نصف متر ومترين

وكانت احتفالاتهم الدينية في أول الأمر بسيطة، ولكنها أخذت شكلا عظيما فيما بعد، فبدأوا يقيمون حفلاتهم الدينية التي كانت تتخللها الموسيقى والغناء والرقص

وقام الكل بتموين هذه المعابد بالمأكل والمشرب، ووصل بهم الحال إلى جعل الاشتراك في هذه الاحتفالات إجباريا فاشتركت البلاد من أقصاها إلى أدناها، وقدموا هداياهم إرضاء للمعبود لينالوا بذلك سعادة الدنيا والآخرة. وكان فرعون، وهو الحاكم المطلق للبلاد يقوم علاوة على مهمته المدنية بمهمة الكاهن الأكبر، وقد عين لنفسه نائبا في كل معبد، يقوم بتقديم القربان للمعبود: وبرئاسة المصلين الذين يدعون لفرعون بدوام الملك والأبهة. وكان من شأن الكاهن أن يقوم بالمحافظة على المعبد بمشتملاته وبمراقبة حساباته من إيراد ومصروفات

من كل هذا نرى أن الدين المصري دفع المصريين في إخلاصهم المتناهي له، إلى بناء المعابد والاهتمام بشأنها وتنميتها وزخرفتها. وكل هذا لا يخرج عن كونه الفن المصري

<<  <  ج:
ص:  >  >>