وكأنه أحس بي ميلاً إلى الكلام فأرتفع صوته بعض الشيء وهو يقول - حذار أن تظن بي رجعية تجذب نظرتي إلى الوراء فهذى قوافي الثوائر تنقض على راث التقاليد، وعتيق العادات هادمة محطمة، ترفع عن المرأة الإصر، وتفك من عنقها الغل،
ليست نساؤكم حلي وجواهراً ... خوف الضياع تصان في الأحقاق
ليت نساؤكم أثاثاً يقتنى ... في الدور بين مخادع وطباق
تتشكل الأزمان في أدوارها ... دولا وهن على الجمود بواق
وأنا بين التقييد والإطلاق لا أبغي غير الوسط والاعتدال.
فتوسطوا في الحالتين وأنصفوا - فالشر في التقييد والإطلاق وأن تكون التربية قائمة على أسس وطيدة من الفضيلة والأخلاق
ربوا البنات على الفضيلة إنها - في الموقفين لهن خير وثاق وعلى ضوء ما قدمت بين يديك طوقت أجياد نسوة المظاهرة أيام الثورة الكبرى بقصيدة صيغت كلها بالثناء والإكبار. وصفوة ما أقوله في المرأة أن البيت خير مستقر لها، وهو عالمها الأفضل، وبحال جهادها الأكبر.
في دورهن شئونهن كثيرة - كشئون رب السيف والمزراق
ولا يغيبن عن البال أن هذا هو ما قال فيلسوف الشرق والإسلام (جمال الدين).
قلت - ولكن قيل عند أنك كنت عائما على السطح لا تغوص في القاع وغالى أهل هذا الرأي فرووا عنك أبياتاً قلتها في رثاء (قاسم أمين بك) سلكت فيها مسلكاً حياديا فلم تتعرض لأفكاره في المرأة بالتأييد أو التفنيد وتلك هي الأبيات:
ورأيت رأياً في الحجاب ولم ... تعصم فتلك مراتب الرسل
الحكم للأيام مرجعه ... فيما رأيت فنم ولا تسل
فإذا أصبت فأنت خير فتى ... وضع الدواء مواضع العلل
أولا فحسبك ما شرفت به ... وتركت في دنياك من عمل
فقال - وماذا كان يراد مني يا فتاي. . . لقد أتيت بما لا يمكن غيره؛ فالقول رثاء يرسل لفقيد، ودموع تنثر على قبر، والرثاء من قديم مدح باك، وعلى هذا الدرب سار الشعر العربي حديثه وقديمه، لم يحد عنه. وما كان لمثلي أن يخرج على أسلافه القدماء وأقرانه