الجنوبية الشاملة اللغات العربية واللغات الحبشية. العربية تتشعب إلى فرعين: العربية الجنوبية، وفيها السبئبية والحميرية، والعربية الشمالية، ولهجتها الفصحى هي العربية القرآنية. اللغات الحبشية ثلاثة فروع: الجعزية، وهي الفصحى القديمة، ويليها الأمحرية والنكرية.
هذا ولم يعد يكفي للتقصي عن أصول الألفاظ العربية أو السريانية أو العبرية أن يكون الباحث متضلعاً من واحد أو اثنين من هذه الألسن، بل لابد أن يكون واقفاً على قواعد وخواص معجميات كل هذه الساميات الأمهات؛ وما يرجع إلى كل واحدة منها من اللهجات، فضلاً عن معرفة بعض الألسنة غير السامية التي لها علاقة بالعربية أو بغيرها من الأخوات الساميات.
ثم أن علم التأصيل في المعجمية غير متوقف على الإشارة إلى كلمة من الكلمات مستعملة أو واردة في اللغة الفلانية، بل الارتقاء إلى اللغة الأم الصادرة عنها اللفظة المذكورة. وغير كاف الوقوف عند اللسان القناة المارة فيه تلك المفردة، فإن ادعى أحد الباحثين أن هذا الحرف سرياني دخيل في العربية، وظهر بالتقصي انه ليس بسرياني بل مسرين ودخيل من اليونانية أو الفارسية أو ألا كدية أو العبرية، فلا يجوز إذ ذك القول بسريانيته، وهو غير سرياني، إذ قد يكون دخيلاً في كلتا اللغتين من لسان ثالث، مثال ذلك الألفاظ التالية الواردة في العربية والسريانية معاً: فردوس. . بستان. . ببغا. . . . . باغ. . بإذنجان. أبنوس أسفين كعبة، كعبنا، بدوي، بدوايا.
فهل من المعقول الذهاب إلى إن كل هذه الكلمات سريانية دخيلة في العربية، في حين أن التقصي يثبت أن الست الأول منها فارسية، وان أبنوس وأسفين من اليونانية، وان كعبة وبدوي من العربية ذاتها؟
ثم أن المقارنة الألسنية السامية غير متوقفة على البحث في لغة واحدة من الساميات، بل جميعها. ثم يتحتم اعتبار هذا المجموع كلغة واحدة قد تفرقت خوصها وأسرارها في مختلف اللغات الأخوات، مما يقتضي معه الاستعانة تارة بمميزات الواحدة لفائدة الأخرى، وطورا السعي في إثارة الغامض في هذه بما هو واضح وصريح في تلك، فلا يكفي والحالة هذه وضع أصول الساميات الأخر بازاء المادة العربية؛ لان مثل هذا العمل لا يلقى على المواد