للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

مصرية وأخلاق مصرية تثبت ما قصه علينا المؤرخ هيرودوت إذ قال: (ان المصريات كن أحراراً في مسالكهن وتصرفاتهن في تجارة الحياة وفي مزدحم الأعياد الدينية، وهن اللواتي كن يخرجن من بيوتهن لتدبير البيت والإنفاق عليه، والرجال يقومون بالخدمة المنزلية خلال تغيبهن. وهذه القبور الطيبية تطلعنا على حياة المرح عندهن، وكثير من الحكايات الشعبية تدلنا على أخلاقهن وما أتسمن به من صفات الجرأة، وهذه الجرأة قد تبدو في هذه المقطوعة الغزلية، إذ نرى العاشق كالمتغاني، والعاشقة هي التي تتكلم: يقص علينا العاشق هبوطه إلى ضفاف النيل بحوار ممفيس. وهناك شاهد (أخته) في حديقة طيبة الأريج، (إذا هو لثم شفتيها كان نشوان بغير نبيذ) هو يدنو منها كالعصفور الذي ينقض بنفسه على الشرك (شرك الحب). ولكن حميا الحب أقوى من حميا الخمر.

يقول العاشق: (نزلت المنحدر، وأنا أحمل على كتفي حزمة قصب. وبلغت ممفيس وقلت (لباتا) سيد العدالة أعطني أختي هذه الليلة، فالنهر من خمر، (وباتا) قصبه. و (سبكميت) سدرته، (وأريت) يراعه، و (ينقرنوم) أزهاره.

هذا هو الفجر ومففيس كأس من ثمر، مصفوفة أمام الإله باتا ذي الوجه الجميل.

سأنام في بيتي، وأغدو عليلا، وسيهرع جيراني إلى عيادتي، وإذ ذاك تجئ أختي معهم، وتريني للأطباء لأنها عارفة بدائي.

أرى (أختي) مقبلة، وقلبي يستفزه الطرب وذراعاي تنبسطان لعناقها، وقلبي يخفق في موضعه عندما تجيء.

إذا عانقتها وفتحت لي ذراعيها، كأني ألقيت بنفسي في (بونت) مدينة الطيوب. وإذا لثمت فاها وتفتحت لي شفتاها. فأنا سعيد سكران بدون نبيذ.

أما العاشقة فهي سهلة المأخذ، تنطلي عليها الأساليب المغرية، حبها الدقيق أدنى إلى الندب والشكوى، في حالة الاتنظار، تبدي كل مظاهر الدلال، وتقيس ذراعاً كلما قاس العاشق إصبعاً، وهذه (صائدة الطيور) لا تنصب الشباك لمجرد اللذائذ وانما تصبو من وراء الحب إلى اتحاد الروحين بالزواج وإلى السهر على خيرات عاشقها كأنها صاحبة بيته.

تقول العاشقة:

(يا أخي المحبوب! إن قلبي يسعى وراء حبك، انظر ماذا اصنع! قد نصبت فخي بيدي، إن

<<  <  ج:
ص:  >  >>