للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فلما انجلت الغمة وانفرجت الكربة وبلغت الغاية عندها القلب وتسكن لها الجائشة، حام حولك أناس تعروا عن الإنسانية والرجولة والكرامة جميعاً، حاموا حولك يتمسحون في تذلل وخضوع، فلا يغرنك ما ترى من رجال. . .

وحين تقلدت منصب الوزارة، أشرق النور في قلوب تهفو إليك بالمحبة، وابتسم الأمل في أفئدة ترنو إليك بالإخلاص، وتألقت السعادة في أرواح تصبو إليك بالوفاء.

فلا تنس - يا سيدي - أنك عميد الأدب، وأن الأدباء هم تلامذتك وبطانتك وأبناؤك، وأن الأديب رجل يعيش عمره مضطربا في غمرات الشدة، ينزف نضارة العمر في الكد، ويبذل غضارة الشباب في الجهد، يعزف عن لذة الحياة ومتعة العيش إلى ضنى النفس وعناء العقل، فلا يجد العون ولا الساعد. فكن أنت موئله وعونه.

ولا تنس أن في وزارة المعارف أدباء يصيبهم الإرهاق من أثر النظام الحكومي، وتتقدمهم الأقدمية الفجة الخواوية، ويسبقهم أصحاب الملق والخضوع من ذوي النفوس الوضيعة. هؤلاء الأدباء بهم إباء يدفعهم عن الرجاء، وفيهم كرامة ترفعهم عن، التذلل وبهم شهامة تفزعهم عن التعبد، فضاع حقهم في صخب المحسوبية وانطوى أملهم في ثنايا الأغراض.

ولا تنس أن بين يديك خفافيش يقتلها النور ويحييها الظلام، وأن من خلفك ثعالب لا تفتأ تمكر وتمكر، يلذ لهم الخداع ويطيب لهم التلون. خفافيش وثعالب فيهم الخسة والضعة أذلهم الكلب للمادة واسترقهم الشره إلى المال، فعبثوا بالحق سنوات وسنوات، واستمتعوا برضاب الوزارة حيناً من الزمان، وخصوا أنفسهم بالغنيمة الباردة من أموال الدولة، لم يرعوا للمصلحة العامة إلاَّ ولا ذمة. هؤلاء هم أعداء الوطن والأمة، فارفع السوط. . . ارفع السوط يا سيدي.

ولا تنس المعلم، وهو يعيش - أبداً - تطحنه شدة الإملاق، وتعصره شدة الإرهاق.

ولا تنس - يا سيدي - آمال قوم أشرق النور في قلوبهم وهي تهفو إليك بالمحبة، وابتسم الأمل في أفئدتهم وهي ترنو إليك بالإخلاص، وتألقت السعادة في أرواحهم وهي تصبو إليك بالوفاء.

كامل محمود حبيب

<<  <  ج:
ص:  >  >>