أحب من يحب فضيلته، فما الفضيلة إلا الطموح إلى الزوال وإن هي إلا السهم تنشبه أشواقه
أحب من لا يحتفظ لنفسه بشرارة واحدة من روحه، فيتجه إلى أن يكون بكليته روحا لفضيلته لأنه بهذا يجعل روحه تجتاز الصراط
أحب من يكون من فضيلته ميوله ومطمحه، لأنه بمثل هذه الفضيلة يتوق إلى إطالة حياته كما يتوق إلى قصرها
أحب من لا يريد الاتصاف بعديد الفضائل، إذ في الفضيلة الواحدة من الفضائل أكثر مما في فضيلتين، والفضيلة الواحدة حلقة ترتبط فيها الحياة
أحب من يجود بروحه فلا يطلب جزاء ولا شكورا، ولا يسترد، فهو يهب دائما ولا يفكر في الاستبقاء على ذاته
أحب من يخجل من سقوط زهر النرد لحظه فيرتاب بغش يده، إن أمثاله التائقون إلى الزوال
أحب من يبذل الوعود وهاجة ثم يتجاوز عملة وعده، إن أمثاله هم التائقون إلى الزوال
أحب من يبرر أعمال الخلف ويدافع عن السلف لأنه بذلك يسلم نفسه إلى نقمة معاصريه، فهو ممن يتوقون إلى الزوال
أحب من يعلن حبه لربه بتوجيه اللوم إليه، إذ يجب أن يهلك بغضب ربه
أحب من يبلغ التأثر أعماق روحه في جراحها فيعرضه أتفه حدث للفناء، إن أمثاله يعبرون الصراط دون أن يترددوا
أحب من تفيض نفسه حتى يسهى عن ذاته، إذ تحتله جميع الأشياء فيضمحل فيها ويفني بها
أحب من تحرر قلبه وتحرر عقله حتى يصبح دماغه بمثابة أحشاء لقلبه، غير أن قلبه يدفع به إلى الزوال
أحب جميع من يشبهون القطرات الثقيلة التي تتساقط متتالية من الغيوم السوداء المنتشرة فوق الناس، فهي التي تنبئ بالبرق وتتوارى
ما أنا إلا منبئ بالصاعقة، أنا القطرة الساقطة من الفضاء، وما الصاعقة التي أبشر بها إلا