(. . . ويؤخذ من كلام المؤلف وبعض الجرائد الإنكليزية في القطر الإيماء إلى لزوم إدخال هذه الطريقة في المدارس أي مدارس الحكومة مع جعل التعليم إجبارياً بحيث أنه لا يمضي زمن قصير حتى يعم استعمالها في البلاد وتكون الضربة القاضية على اللغة الفصحى وأسفارها. . .
(. . . ولكن ذلك (الفرق بين العامية والفصحى) وهم دسه على أولئك القوم الجهل بلغة البلاد؛ لأنهم لو كانوا يعرفون العربية كما يعرفها أهلها لعلموا أن معظم الفرق بين اللغتين مقصور في الغالب على إهمال علامات الإعراب من اللسان العامي بحيث أصبح مسموع اللفظين متبايناً على الجملة. إلا إن هذا إنما تتنكر به اللغة في سماع الأجنبي لا في سماع أهلها. . . ومن أعظم الشواهد على ذلك أن في العامة من يقرأون ويسمعون الجرائد وكتب الروايات والأقاصيص الحديثة والقديمة من مثل سيرة بني هلال وعنترة وألف ليلة وليلة وغيرها ويفهمونها ويروونها مع أن جميعها مكتوبة باللغة الفصيحة. . .).
قلت: يدل كلام الشيخ إبراهيم على أن العامة في مصر كانوا يفهمون اللغة الفصيحة سنة (١٩٠٢) فهل تقهقروا، هل تأخروا هذا التأخر الفظيع في الفهم والرواية سنة (١٩٤٧) - بعد هذا الدهر الطويل وبعد هاتين الحربين المدهشتين، وبعد أن تبدلت الأرض غير الأرض والسماوات - حتى تقول رجال الإذاعة في العامة والمساكين مقولتهم التي أشار إليها الأستاذ الالمعي (العباس) في الرسالة ٧٢٧ ونقدها محسناً ومصيباً.
أيتها الحكومة المصرية، حرمي حرمي في داريك: دار الإذاعة ودار التمثيل وغيرهما من الدور اللغة العامية؛ إنك إلا تفعلي تحرجي. . .
(. . . وأما مسئلة الكتابة وعدم وجود صور لأصوات الحركات في رسم الهجاء العربي فما لا يبالي به بالقياس إلى الأمة نفسها إن كان النظر إليها مجرداً. . . إن للحركات عندنا مقادير لا تتعدها فإذا رسمت بالحروف كما هو الشأن في اللغات الأوربية جاء لفظ الكلمات منكراً، وربما التبس بعضها ببعض فلم يبق فرق بين سلم مثلاً وسالم وسليم إذ يكون بعد السين ألف وبعد اللام ياء في الكل، وقد يجيء ما هو أنكر من ذلك كما مثل قتل وقاتل لما هناك من الاختلاف الفاحش في المعنى، وحينئذ لا يبقى غنى عن وضع علامات تميز