الحركة من الحرف فعاد الأمر إلى الشكل وهو يغني وحده بدون الحروف. وذلك فضلاً عما في التزام التحريك في الرسم سواء كان بالحرف العربي أم اللاتيني من إطالة هجاء الكلمات واقتضاء الكتابة زمناً أطول إلى ضعف آخر في الأقل. فجملة ما يقال إن الحركات في العربية لا تكتب إلا بصورة حركات لأن لفظها ليس لفظ الحروف الكاملة ولا هي داخلة في بنية الكلمات وإنما الغرض الأصلي منها الانتقال من مقطع إلى مقطع، لكن غاية ما هناك أنه يمكن استنباط طريقة تمكن المطالع من وضع الحركات على وجه أسهل؛ وحينئذ لا يشكل إلا الحرف الذي يمكن التباسه ولو على الأجنبي).
(بقى أنه على تقدير خروج هذا الرأي إلى الفعل فإن ما يتخلص منه الأجنبي يقع فيه الوطني بل يقع في أشد مضضاً منه على ما سنذكره. ونعني بالوطني هنا المسلم الذي هو العنصر الغالب في البلاد، فإنه مع تعليمه قواعد اللغة العامية لا يستغني عن تعلم اللغة الفصحى لإحكام قراءة القرآن وتلقي الحديث وفهم نصوص الشرع المبنية عليهما. ولابد لبلوغ هذه المنزلة من قراءة كتب النحو والبيان واللغة وسائر علوم الأدب. وهذه كلها إن لم يتعلمها في مدارس البلاد لزمه أن يتعلمها في مدارس أخرى خاصة أو يدرسها في منزله وكلاهما لا يستطيعه إلا الأغنياء فضلاً عما فيه من المشقة وإضاعة الزمن. وكذلك يلزمه أن يتعلم قراءتين أحدهما بالحرف العربي لتلاوة القرآن لأنه لا يجوز له أن يكتبه بحرف أجنبي. . . والأخرى بالحرف اللاتيني المصطلح عليه في البلاد لمطالعة ما ينشر فيها من الكتب والجرائد ولدراسة العلوم العصرية التي يرام كتابتها باللغة والحرف المذكورين على ما أشير إليه في التأليف ولا نخال التسليم بذلك كله من الأمور المستسهلة. ومن هنا يعلم المؤلف وغيره أن العربية لا تقاس في ذلك بالطليانية واليونانية إذ ليس في هاتين اللغتين شيء من الأمر الديني الذي أشرنا إليه، بل فيما حدث أخيراً في أمر ترجمة الإنجيل إلى اليونانية الحديثة عبرة كافية مع انتفاء المحذور الذي ذكرناه. وبقى وراء ذلك كله ما يترتب على هذا الانقلاب من الخسران الجسيم بضياع ما لا يحصى من كتب العلم والتاريخ وغيرها بحيث يتعذر نقل الكتب بأسرها إلى الحرف الجديد ولا يبقى سبيل للأعقاب إلى تناول ما فيها إذا تغير الحرف الذي يقرأون به).
(ولذلك فالذي نراه لواضعي هذه الطريقة أن يقتصروا فيها على تعليم الأجنبي لغة البلاد