الرجل في الأزهر الآن أن ينتسب إلى الأستاذ الإمام تلميذاً أو مسترشداً أو صديقاً، بعد أن كان في حياته هدفاً لسهام الطاعنين ونبال الحاقدين.
وفي يد الأزهر الآن فرصة ثمينة لا يسوغ له أن يضيعها أو يهمل استغلالها، هي قيام الإمام الثاني الأستاذ المراغي على رياسته وتوجيهه، ومن ورائه في ذلك طائفة من المخلصين للأزهر المقتنعين بفكرة الإصلاح قرأت خطبه وأحاديثه ودرستها دراسة فاحصة ممعنة فاتخذت لنفسها وجهة الخير منها، وحرصت أن تهتدي إلى طريق النجاح بها. ولست أحب أن أسمي هؤلاء كما سماهم الأستاذ الزيات (شباب المراغي) فإن روح المراغي لم تكن قاصرة على التأثير في شباب فحسب، وإنها لأشد قوة وأبعد أثراً من ذلك فقد أثرت فعلاً في شيوخ قد جاوزوا عهد الشباب وخلفوه، فأجدر بنا أن نسمي هؤلاء وهؤلاء (مدرسة المراغي)
ولسنا نلقي هذا الكلام على عواهنه فإن الأستاذ المراغي حينما خطأ خطوته الجريئة في إصلاح بعض القوانين المتصلة بالأحوال الشخصية وقف في طريقه إذ ذاك كثير من العلماء، وعلى رأسهم عالمان فاضلان ألفا رسالة ذكرا فيها أنه لا يجوز الخروج عن المذاهب الأربعة التي أجمعت عليها الأمة؛ فهل تدري أيها القارئ أنهما الآن يعملان عضوين بارزين في لجنة الأحوال الشخصية التي لا تقف فيما تختار عند المذاهب الأربعة! أليس هذا أثراً لروح المراغي واستجابة لرجة الإصلاح التي يستوي عندها الشيب والشباب؟
هذه المدرسة الصالحة يعلق عليها الأزهر الحديث آمالاً جساماً وتنتظر منها الأمة نهضة قوية تساير نهضتها في كل نواحي التقدم؛ تنتظر منها أن تخرج للناس كتباً واضحة الأسلوب جديدة المعنى خالية من التعقيد والغموض، وأن نفهم الجو المحيط بها فهماً صحيحاً فلا تكتفي بالعيش في ظلال كتب تمثل عصوراً خلت، ربما كانت هذه الكتب صالحة لها موفية بحاجتها، وهي الآن عاجزة عن حل المشاكل التي تعترض الناس في معاملاتهم ونظم حياتهم؛ تنتظر منها اشتراكاً فعلياً في توجيه الثقافة القومية في البلاد، في الأحاديث التي تذاع، والمقالات التي تنشر، والمحاضرات التي تلقى، وفي تعليم الشعب وإرشاده بأسلوب لا يجافي روح العصر الذي نعيش فيه؟ فقد مضى عهد الجمود والوقوف