ولما تولى برويز العرش حاول إصلاح هذا القائد فاستعصى عليه وحاربه حتى اضطره إلى دخول مملكة الروم، وقد استنجد الإمبراطور موريس فأمده بجند رده إلى عرشه فاستحكمت المودة بين الملكين. فلما قتل موريس سنة ٦٠٢م شن كسرى الحرب على فوكاس خليفة موريس. وتوالت وقائع زلزلت دولة الروم الشرقية زلزالاً شديداً.
توالت هزائم الروم في آسيا الصغرى والجزيرة وشمالي الشام حتى فزع الروم، واستغاثوا هرقل (هركليوس) أبن وإلى أفريقية فأقبل إلى القسطنطينية فاختير إمبراطوراً مكان فوكاس.
وحاول هرقل جهده أن يصد الفرس، ولم يدخر وسعاً في حربهم فلم يستطع لهم رداً. وامتدت فتوح الفرس إلى الجنوب حتى استولوا على دمشق سنة ٦١٤ واتخذوها مركزاً سيروا منه الجيوش إلى أرجاء مختلفة حتى فتحوا بيت المقدس بيجوش جرارة فيها ستة وعشرون ألفاً من اليهود وبلغت كبرياء كسرى غايتها فأخذ الصليب الذي يزعم النصارى إن المسيح صلب عليه، وكتب إلى هرقل كتاباً خلاصته:
(من كسرى بروبز رب الأرباب إلى عبدة الحقير هرقل. تزعم إنك تعتمد على المسيح فلماذا لا يخلص المسيح بيت المقدس من يدي. ولماذا لم ينقذ نفسه من أيدي اليهود حينما صلبوه).
ثم امتد الفتح إلى مصر فظفر بها الفرس بعد تسعة قرون من خروجهم منها أيام الإسكندر المقدوني.
وفي العام التالي صمم الفرس على فتح القسطنطينية ولم يكن بينهم وبينها إلا المضيق، وحالفوا الأوار على أن يغزوها من تراقيا.
وزاد أمر الروم إضطراباً، وبلغ يأسهم أن عزم هرقل على الفرار إلى قرطاجة لولا أن عرف الروم أمره فثار الناس واستحلفه البطريق في كنيسة آياصوفيا ألا يبرح المدينة على أية حال.
في أثناء هذه الهزائم المتوالية الماحقة التي توالت على الروم عشرين عاماً، وحوالي سنة ٦١٥ حينما غلب الروم في أدنى الأرض إلى بلاد العرب، في أرض الشام وهي الهزائم التي أهمت العرب نزلت الآية الكريمة: