ألم. غلبت الروم في أدنى الأرض، وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين الخ. وكان خبراً عجيباً، أنكره مشركو العرب حتى راهنوا على كذبه.
روى الطبري وغيره إن أبا بكر رضي الله عنه راهن أبي بن خلف على خمس إبل إلى خمس سنين فأمره الرسول صلوات الله عليه أن يزيد في الرهان ويمد الأجل فراهنه على مائة ناقة إلى تسع سنين.
- ٣ -
في سنة ٦٢٢ أعد هرقل العدد لحرب الفرس، وتحمس النصارى لمجاهدة العدو الذي استولى على بيت المقدس وأخذ الصليب الحقيقي. . . وحقر النصرانية وسفه عليها هذا السفه، وبذل القساوسة الجهد حتى صهروا آنية الكنائس من الذهب والفضة يتخذونها عدة للحرب.
ولم يكن لهرقل بقية من أمل إلا في أسطول بقى لهم، فأبحر في جيش والفرس مشرفون على الخليج ينظرون إليه حتى نزل في أسوس على ساحل الأناضول.
وكان هذا أول انتصار للروم بعد موت موريس أي منذ عشرين عاماً.
ثم توالى النصر في آسيا الصغرى وأرمينية إلى أن عبر هرقل الفرات شطر الغرب والجنوب سنة ٦٢٥.
وحاول كسرى برويز أن يوقع بالروم في حاضرة ملكهم، فحالف الأوار وسير جيشاً لمحاربة هرقل وآخر لحصار القسطنطينية سنة ٦٢٦ مع الأوار. فلقي الجيشان كلاهما الخيبة والهزيمة.
وأغرى هرقل الظفر المتتابع فعزم على أن يغزو كسرى في مدينته دستكبرد وهي على تسعين ميلاً إلى الشمال من المدائن عاصمة الدولة. وكانت وقعة الزاب في ١٢ ديسمبر سنة ٦٢٧ ثم فر كسرى، وقابلته العاصمة بالثورة عليه وخلعه. ثم حبس في بيت الظلام ولا زاد إلا الخبز والماء. وبالغ ساجنوه في إهانته. وقتل كثير من أولاده أمامه ثم قتل هو قتلة فظيعة. وذلكم كسرى برويز الذي أرسل إليه رسول الله كتاباً فمزقه (فقال اللهم مزق ملكه كل ممزق).
وخلفه على العرش أبنه شيرويه (قباذ الثاني) فصالح الروم على أن يرد إليهم كل ما فتح