للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

والسحنة، لا يختلف مصري عن عراقي أو لبناني إلا كما يختلف أبناء الأمة الواحدة من حيث الفروق الفردية، ولو أننا انتقلنا بكامل هيئتنا إلى مجتمع إفرنجي لأحسسنا أننا غرباء عنه ولتزايل الدم من الدم. . .

وليس معنى أن نأخذ العلوم والمخترعات الحديثة عن الغرب أن نفقد شخصيتنا ونفني فيه. وإذ كنا الآن نأخذ من الغرب علومه فقد أخذ كثيراً من حضارتنا وعلومنا واستعان بها في نهضته الحديثة، وفي مكتبات أوربا نحو خمسمائة مجلد في الإشادة بالحضارة العربية وما أسدت إلى العالم الغربي.

إننا لا نغلق الباب الغربي بل نحن دائبون على الاتصال بالغرب والاقتباس منه والانتفاع بحضارته، فلم تقول أنت بغلق الباب الشرقي وقطع الصلة بماضينا وثقافتنا العربية بما فيها من آداب وعلوم وفنون؟ ولا شك أننا استطعنا في نهضتنا أن نكون ثقافة عربية حديثة مبنية على تراثنا الثقافي وعلى ما اقتبسناه من الثقافة الغربية، وعجيب أن تدعو إلى ما درسه المستشرقون من الثقافة العربية وفي نفس الوقت تدعونا إلى هجر هذه الثقافة فأنت تحرم علينا ثقافتنا وتبيحها للمستشرقين!

على أن ثقافة الغرب إما علوم أو آداب وفنون، فالعلوم نتلقاها منه باعتبارها أدوات لتنظيم الحياة وتيسير وسائلها، أما الآداب والفنون، وهي ألصق بالأرواح والمشاعر، فنقتبس منها ما يلائمنا لنضيفه إلى آدابنا وفنوننا التي هي الأساس في ذلك لأنها نتاج بيئتنا وصورة حياتنا ومرآة نفوسنا.

وهنا قال الدكتور:

- ما هي فنوننا؟ هل عندنا موسيقى كالموسيقى العالمية؟

- فنوننا هي التي نتذوقها، وإن كان فيها نقص فإننا في سبيل استكماله. ونحن نتذوق موسيقانا ونطرب للجيد منها ولا يضيرنا أن غيرنا لا يستسيغها، وماذا يهمنا من كلمة (عالمية) ما دام الوصف بها لا يقدم ولا يؤخر بالنسبة لأذواقنا؟

- إن الطفل يضرب (الصفيحة) بالعصا ويسر لما يحدثه ذلك من صوت، فهل معنى ذلك أنه موسيقى راقية؟

- إن هذا التشبيه يمكن أن ينطبق على الموسيقى الغربية بالنسبة للشرقي الذي لا يرى فيها

<<  <  ج:
ص:  >  >>