ومن الطريف في هذا الصدد، بل من التليد، أن الترخيص الذي صدر بإنشاء (الأهرام) سنة ١٨٩٥ تضمن ما يدل على أن الشؤون الأدبية كانت من أغراض إنشائها، وهذا هو نص الترخيص:
(رخصت الخارجية لحضرة سليم ثقلا باشا بإنشاء مطبعة تسمى الأهرام، كائنة بجهة المنشية بالإسكندرية، يطبع فيها جريدة تسمى الأهرام تشتمل على التلغرافات والمواد التجارية والعلمية والزراعية والمحلية، وكذا بعض كتب كمقامات الحريري وبعض ما يتعلق بالصرف والنحو واللغة والطب والرياضيات والأشياء التاريخية والحكمة والنوادر وما يماثل ذلك وقد أمرت الخارجية محافظ الإسكندرية بعدم المعارضة للمذكور في إنشاء المطبعة المحكي عنها).
ولاشك أن الكاتب التحرير الذي كتب ذلك الترخيص كان يريد أن يذكر الأدب في جملة ما ستعني به الأهرام، فعبر عن ذلك بمقامات الحريري والصرف والنحو واللغة والحكمة والنوادر. . .
هذه لمحة خاطفة عن ماضي (الأهرام) بالنسبة للحركة الأدبية التي أهملتها في عددها الممتاز الأخير، وهو ماض ينطق بأن الأدب كان من أهم نواحي حياتها، لا في الموضوعات الأدبية وحدها، بل الأدب يتمثل كذلك أحياناً في الأسلوب الذي تصاغ به المواد الأخرى، فقد كان محرورها يتعمدون الجزالة والإتيان بالعبارات التي يعدونها من بليغ القول على حسب المفهوم العام للأدب في عصرهم، وكثيراً ما كانوا يأتون بالأسجاع في العناوين مثل (أنباء الحرب والقتال في بلاد الترنسغال) وذلك إظهار للمقدرة الأدبية على ما كانوا يفهمونها. . .
فلم يبق إذن إلا أن (الأهرام) الآن لا تعني بالأدب ولا تحسب له حساباً. . . ولكن إذا حق لها أن تتجرد منه في الحاضر، فهل يجوز لها أن تمسحه من التاريخ. .؟