والأحقاد، إلا إذا ناصرتها الفوضى حباً لذاتها. ويا حبذا لو قرأنا في الرسالة مناظرة في الموضوع آلاتي:(هل يؤدي الفكر إلى الفوضى أم يؤدي إلى الأمان والنظام؟) وهو عكس موضوع مناظرة كلية الآداب
وتكون الفائدة عظيمة إذا تتبع كل مناظر حياة الأمم ومظاهر الفكر قديماً وحديثاً، ولكل مناظر مجال واسع في الجانبين من الموضوع، وهو موضوع قد يستلزم النظر في موضوع ثان، وهو: هل الفكر والفلسفة نتيجة النزعات النفسية والعواطف والأهواء أم هما سبب لإثارة تلك النزعات والأهواء؟
ولا داعي لأن أقول: أن الصواب في الجانبين معا: ولكن الفائدة في بيان شواهد الصواب في الجانبين؛ ونضرب مثلا من التاريخ القديم فنقول: أن الفكر الإغريقي هو أنفس ما يعتز به الأوربيون، وهم يعدونه أساس حضارتهم ومخترعاتهم ونظامهم، ولكنه مع ذلك أدى قديماً إلى مذهب السوفسطائية الذي كان له ضرر محقق. إلا أننا نعود فنقول: هل أدى مذهب السوفسطائية إلى فساد النفوس وفساد ميولها، أم أن فساد ميول النفس أدى بالفكر إلى السوفسطائية؟ وهذا الموضوع الثاني قد يستدعي موضوعاً آخر للمناظرة، وهو هل ينبغي أن يكون الفكر حراً طليقا، أم ينبغي أن يقيد؟ وإذا وجب قيده فكيف يقيد؟ والى أي حد؟ ومن الذي يقيده؟ وإذا جلب قيده فائدة فهل يجلب ضرراً مع الفائدة؟ وأيهما أشد وأبقى: الفائدة أم الضرر؟ وهل كان الفكر الإغريقي أو العربي يثمر كل ثمراته لو كان مقيداً قيداً حقيقياً؟ هذه مشكلة أخرى من مشكلات الفكر العديدة
السيد خليل
وأد البنات عند العرب في الجاهلية
قرأت ما كتبه الأستاذ علي عبد الواحد وافي رداً علي في هذا الموضوع، وقد ختم رده بأنه بصدد قبائل كانت تئد كل بنت تولد لها، لا بصدد حالات فردية كانت تنحر فيها بعض البنات. وإني أقول في ذلك كلمة لا أحب أن أقول بعدها كلمة أخرى، لأن مثل هذا الذي يقوله الأستاذ علي عبد الواحد وافي لم تذهب إليه قبيلة عربية أصلاً، ولا يمكن أن تذهب إليه قبيلة في أمة من الأمم، اللهم إلا إذا أرادت أن تقضي على نفسها وتقطع نسلها من