مع الأمان السياسي فيها الفوضى الفكرية الناشئة من ارتباك الجهل وخطله وارتباك الغباء، وكثيرا ما يكون تحت الأمان السياسي الظاهر فوضى في أداة الحكم، فهو إذا أمان مزيف
سادسا: إن اشتراط الحذر النفسي والفكري لنمو الفكر في الحياة أمر يختلف كل الاختلاف عن اشتراط الفوضى، وكذلك اشتراط المحركات النفسية أمر يختلف عن اشتراط الفوضى في قول من يشترطها
سابعا: إذا كانت الإنسانية قد كسبت من تقاتل الأجناس فقد خسرت كثيرا، وطالما اضطرت إلى أن تعيد بناء الحضارة من جديد بعد فوضى ذلك التقاتل؛ فاشتراط فوضى تقاتل الأجناس لازدهار الفكر شرط غير وجيه في قول من يشترطها
ثامنا: أن الركود والخمود الاجتماعي في الأمة إذا منعا من ازدهار الفكر لم يكن جالبهما الأمان وانقطاع الحروب والتدهور بسبب السكون والهدوء، بل لهما أسباب عديدة تختلف باختلاف الأمم، فمن تلك الأسباب ما هو حيوي (بيولوجي) ومنها ما هو (باثولوجي) طبي، كالأمراض التي تجتاح أو تتوطن فتهلك أو تضعف الجسم والعقل، وهذه الأسباب لم تذع دراستها كما ينبغي أن تذيع - ومنها ما هو سياسي لفساد نوع الحكومة. . . الخ
تاسعا: أن ازدهار الفكر في جزائر الأمان كثيرا ما يكون لأنه من بعض غراس عهد أمان شامل سابق أو قديم ووجدت بذوره وبقاياه من تعهدها برعايته في جزائر الأمان.
محمد عبد الله
الفكر والفوضى
أن رأيي في مناظرة ازدهار الفكر أن الوضع الصحيح قد عكس، فأني أستطيع أن أفهم أن الفكرة إذا أريد تطبيقها إلى أبعد غاية من غير نظر إلى ما يخالفها ويلطفها من الأفكار الأخرى التي تعين حدودها قد تسبب الفوضى أي أن الفكر قد يسبب الفوضى - ولكني أجد صعوبة في أن أفهم كيف أن الفوضى تسبب ازدهار الفكر ما دامت الفوضى فوضى، ولا أفهم كيف تكون معه حتى من غير الصلة السببية، فإن الفكر خطواته نظام، والنظام ضد الفوضى، والفوضى عمياء والفكر بصير، وكل فكرة - حتى الفكرة التي تقول أن الفوضى تسبب ازدهار الفكر - قد تضيء عليها فوضى المقاطعة والمعارضة وفوضى الاضطهاد