للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الأوليتين، كما استطاع الحصول على مبلغ كبير من المال لا يقل عن ٦٠ ألف ليرة عثمانية ذهب من جمال السفاح. ولعل خوفه من الانتقام هو الذي جعله يشترط على الترك في خلال المفاوضات التي دارت بينه وبينهم جعل الأمارة العربية وراثة في أنجاله لأنه كان يخشى إقصاءه في أول فرصة تسنح، فأراد لذلك أن ينال من الدولة العثمانية عهداً باستبقاء الأمارة في بيته وذريته فيطمئن ويرتاح، فأبى عليه رجال الترك ذلك

٢ - العامل الإقليمي

ويأتي العامل الإقليمي أو الاقتصادي بعد العامل الشخصي، ويجب أن يحسب حسابه أيضاً؛ وقد نشأ عن مركز الحجاز الاقتصادي وعن حالته الاستثنائية. فالحجاز قطر مجدب أو واد غير ذي زرع كما وصفه التنزيل العزيز. وقد اعتاد سكانه أن يعيشوا مما يدره عليهم موسم الحجيج. ولا يخفى أن الحرب العظمى أعلنت في شهر رمضان عام ١٣٣٢ أي قبل موسم الحجيج بثلاثة اشهر تقريباً، فضرب الحصار البحري على سواحل الحجاز في البحر الأحمر فتعطل بذلك موسم الحج، وشعر سكان الحجاز بالضائقة الاقتصادية الخانقة، وشعروا كذلك بألم الجوع، فكاتب الشريف (حسين) الحكومة وبسط لها الموقف الاقتصادي في القطر المقدس بسبب تعطيل موسم الحجيج فاعتذرت بسوء الحالة، وبحاجة الجيش إلى القوت، ولم ترسل شيئاً يهون على العرب هناك أمرهم وما هم فيه من ضنك وضيق فجاءوا الحسين يتوسلون إليه أن يعمل لإنقاذهم، والوسيلة الوحيدة للخلاص من تلك الضائقة المستحكمة الحلقات كانت بمحالفة البريطانيين، والاتفاق معهم على إلغاء الحصار البحري فتعود السفن والبواخر إلى زيارة الحجاج حاملة الميرة والحجاج والأموال والخيرات

٣ - العامل القومي

وخلاصة ما يقال فيه أن الحسين، وقد كان العرب ينظرون إليه كأكبر زعيم عربي في ذلك العهد كبر عليه أن تساق الحرائر من أبناء أمته إلى الأناضول سبايا تحت ستار النفي والإبعاد، وإن يقتل كبار قومه، ويقبلوا ويمحوا من الأرض ويشتت شملهم لا لذنب جنوه ولا لاثم اقترفوه، وإنما لأنهم طالبوا الدولة العثمانية بإصلاح بلادهم العربية خوفاً من أن يؤدي الإهمال فيها إلى تدخل الدول الأجنبية في شؤونها باسم الإصلاح - كما جره من قبل

<<  <  ج:
ص:  >  >>