يا مهد أحلامه، ما كان مقدمه ... إلا وداعاً، فألفي غير ما كانا!
وافاك يصنع من أشلائه أملا ... قبل الرحيل فذاق اليأس ألوانا
وافاك يدفن في أرض الصبا شجناً ... فواجهته بملء الأرض أشجانا
يا مهد أحلامه. وافاك منفردٌ ... سقى الأجادب حتى عاد ظمآنا
ألقى الصلاة على الأقداس فاختنقت ... بها المعابد أوثاناً ورهبانا!!
تذكر الشاعر الوسنان وارتجفت ... ذات المشاعر ألواناً وأنغاما
يا مهد أحلامه، ولَّى وأتعبني ... ليل الشباب. وضاع العمر أوهاما
يا ليت ليلك إذ خابت مشارقه ... أمست عليه صروف الدهر أحلاما!
نزلت أرضك أوجاعاً مضمدة ... فانساب أخطرها حساً وإلهاما!
رفَّت ببابك أفراح الصبا قطعاً ... من الظلام ورف الشوق آلاما!
على ديارك ذكرى كلما ارتجفت ... تساقط الأمس في واديك أياما!
والفجر مازال مسوداً يباكرني ... كالهم ناصية والموت أنساما!
لا ألمح الشمس في واديه مشرقة ... ولا الصباح على الآفاق بسَّاما
ولى الشباب ومازالت مصائبه ... على ربوعك أشلاءً وأسقاما
مضى الزمان بما أشجى وما برحت ... سود الليالي على ناديك أعلاما!!
يا مهد أحلامه. لا شيء في خلدي ... إلا وذكرني في الأمس أشياَء
تلك الروائح والأشلاء من أمد ... كانت بأرضك آلاماً وأهواَء!
نزلت أرضك بالآمال فانقلبت ... على ربوعك يوم اليأس أرزاء!
نزلت أرضك بالآمال فانتثرت ... على الضغائن والأفواه أشلاء!!
وساورتني على مغناك أخيلة ... وبعثرتني على الآفاق أخطاء!!
وطالعتني من الأيام أوجعها ... حتى شربت تراب اليأس صهباه!
وللنوائب كأسٌ بات شاربها ... يقلب النفس تبريراً وإرجاء!
والهم ينسج أحداثاً لينقضها ... ويفتن العقل تثبيطاً وإغراء!
ويجعل الصدق في أفواهه كذباً ... واليمن مشأمة والعزم إعياء!!
والهم يجعل من ذات الرؤى حدثاً ... ويملأ الصمت في الأسماع أنباء!