يا مهد أحلامه، ماذا تملكني؟ ... وخالط النفس أجواءً وأعماقا
أمست وأضحت كأن الأرض ما عرفت ... يأساً ولا نظرت من قبل إخفاقا!
ماذا دهاها؟ فصبت أمسها كسفاً ... وأزهقت يومها في الأمس إزهاقا!!
ليس الجديد قليلا في مداركها. . ... حتى تجدد للأحزان آفاقا!
وليس حاضرها خِلواً فتملأه ... ولا الضمير إلى ما كان مشتاقا!
هي الليالي وألوان الشجى رحم ... والعرق يجمع في الآلام أعراقا
واليأس أوجعُه ما ناء حامله ... وكان لولا جراح فيه سباقا!
والليل أفجعُه ما نام ساهره ... وقام لا يرتجي للنور إشراقا!!
والنفس أبعد أشواطاً إذا عدمت ... شوقاً فهاج على مثواه أشواقا!
والنفس أبلغ من أعماقها ألماً ... إذا أطالت على المأساة إطراقا!
يا مهد أحلامه. طافت على خلدي ... مواجع الأمس أرواحاً وأجساداً
كم جئت أرضك بالآمال هامدة ... وبالوسائل أشباهاً وأضدادا
عجبت للدوحة السوداء ما برحت ... كأن فيها على الأيام أحقادا!!
الأصل في أرضه ما زال منشعباً ... والفرع في أصله مازال ميادا!
يا دوحة في ضمير الليل ما شهدت ... شمساً ولا نظرت للدهر أعيادا!
بات الغناء على واديك حشرجة ... والظل أصبح في ساقَيَّ أصفادا!
سرب المكاره مازالت عصائبه ... على غصونك أزواجاً وأفرادا!
طوبى لروضك مازالت جمائمه ... أشهى وأوجع مما كان إنشادا!
طوبى لنسمتك السوداء ما تركت ... على المذاهب لا ماءً ولا زادا!!
أحفاد خطبك لا طابت منابتها ... أمست على نسب الأحزان أجدادا
يا مهد أحلامه، فاحت على خَلدي ... ريح الليالي تباريحاً وأوصابا!
أبى وفاؤك إلا أن تنسق لي ... سود الأزاهر في لقياك ترحابا!
ما كاد يشرح آلام النوى جسدي ... حتى صببت لذات النفس أكوابا!
هاج المساء وهاج الصبح ما شرقت ... به ديارك أنفاساً وأعتابا!!
عطر النوائب في مغناك أبهجني ... ومد للنسمة السوداء أسبابا!!